أعلن الرئيس الأميركي "جو بايدن" ومعه رئيسا الوزراء البريطاني بوريس جونسون والأسترالي سكوت موريسونعن عن تحالف عسكري (أنجلو-سكسوني) جديد أو مجدّد باسم "AUKUS" لمواجهة التحديّات الجديدة. وأفضل اختصار للمشهد هنا يستحضر مقولة كارل ماركس الشهيرة: "إن القادة الذين يحاولون خلق شيء جديد "يستحضرون روح الماضي لخدمتهم". وبحسب التحليلات السياسيّة فإنه على الرغم من عدم التصريح باسم الصين صراحةً في إعلان AUKUS، إلا أنه يشير بوضوح إلى سياسة واشنطن الجديدة تجاه الصين ما يعني تحولا أميركيا أكثر وضوحا في تقييم ومواجهة المخاطر الاستراتيجيّة المستقبليّة.
أما موقف فرنسا وتصريحات (احتجاجات) مسؤوليها فيبدو أنها تأتي من باب "سد الذرائع" السياسيّة حيث إن فرنسا وألمانيا جزء رئيس في تركيبة هذا التحالف حتى يحين موعد الظهور العلني لأسماء كل الشركاء. وما يؤكد هذه الحقيقة هو استمرار استعراض عبور السفن الحربيّة الفرنسيّة والألمانيّة إلى بحر الصين الجنوبي نيابة عن "العام سام". وكان هذا الاستعراض موازيا لإبحار السفن البحريّة الصينيّة بالقرب من المياه اليابانيّة ومناطق النفوذ الأمريكيّة في آسيا خلال الأشهر الأخيرة ضمن جهود الصين لتأكيد أسبقيتها في المحيطين الهندي والهادي وتعزيز مطالبتها بجزر "سينكاكو" في بحر الصين الشرقي وأخرى في جزر بحر الصين الجنوبي باعتبارها صينيّة في الخرائط الرسميّة لبكين.
وهذا التحالف الجديد سبقه تحالفات أخرى ومن أهمها تحالف "the Quad" الذي شكّلته الولايات المتحدة عام 2017 مع الهند واليابان وأستراليا باسم "التعاون" الاقتصادي والتكنولوجي والعسكري ولكنه في واقعه جزء من خطط واشنطن المستمرة لكبح جماح الصين الاقتصادي والعسكري. وهو الأمر الذي أكده "بايدن" في تبريره لانسحاب جيشه من أفغانستان، قائلا إن "العالم يتغيّر ونحن منخرطون في منافسة حيويّة مع الصين".
وهذه السياسة في "التحول" نحو آسيا والمحيط الهادي بدأها "أوباما" تحت خطة أسماها "Asia Rebalance" إعادة التوازن في منطقة آسيا والمحيط الهادي وهي جوهر السياسة العالميّة لواشنطن منذ أن تولت إدارة أوباما السلطة. ونتيجة لذلك بدأت الإدارات الأميركيّة المتعاقبة التقليل من انخراطها في مناطق النزاعات لا سيما في الشرق الأوسط وأفغانستان تاركة لوكلائها مثل فرنسا وتركيا وإسرائيل و(خصمها إيران) ومن يرتبط بهم مساحة للحركة في فلك المصالح الأميركيّة.
ومن هنا فإن منطقة الشرق الأوسط العربيّة ومحيطها الإسلامي ربما في حاجة ماسة لإعادة التقييم الاستراتيجي لعلاقاتها البينيّة والدوليّة في ضوء المعلن وغير المعلن من التحالفات التي ستشكّل الوجه الجديد للعالم خلال العقدين القادمين ربما.
: قال ومضى*
لا يكسب معركة الحياة ذاك الذي يهاب خوضها..




http://www.alriyadh.com/1908099]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]