يمتاز أسلوب الدكتور سلمان بن سعيد بالبساطة الموهوبة (السهل الممتنع)، وفي ثلاثيته (سوانح طبيب، نوره، لاهور) سرد واقعي بلسان فنان، يكتب عن الأحداث التي مرّ بها ومرت به بشفافية وصدق وتصوير يجعلك تعيش معه أحداث حياته مذ كان طفلًا وما صادفه من أحداث اجتماعية إلى مشواره العاطفي والدراسي حيث كان يدرس الطب في لاهور، متخطياً الأحداث العادية إلى المواقف المؤثرة نفسيًا وإنسانياً في نفاذ إلى المشاعر يصل حد التجسيد فكأن القارئ يرى تلك المشاعر ويعيشها ويتماهى معها حتى تسكب في خلاياه محبة الإنسان وتجعله يتعاطف مع القريب والصديق بل وعابر السبيل، في تصوير نابض بالحياة نابع من عمق مجتمعنا السعودي في مختلف الظروف التي عاشها المؤلف وشاركه ملايين من جيله، ويتصف السرد الموحي بمواكبة النمو في مجتمعنا السعودي، الذي مر في جيل المؤلف بتغيرات كبيرة سريعة جميلة بل مفاجئة في قوة تقدمها ونموها السريع من (عيش الكفاف) إلى (الوفرة الفائضة) مع الطفرات الاقتصادية التي أحسن قادتنا إدارتها وسرعة تحديث مجتمعنا بواسطتها مع حفاظه على أصالته، في معادلة فائقة الجودة والتأثير، وهو الحدث الكبير الذي لم يتم رصده وتصويره أدبيًا بشكل يتناسب مع قوته وسرعة تقلباته نحو الأفضل.
هذه السرعة المدهشة التي كنا بداخلها لم نحس بمداها البعيد وصداها القوي كأننا داخل طائرة نفاثة تمخر الزمان إلى الأمام بحيث لا يستطيع أكثرنا رصد تطورها ولا تجسيد أحداثها المتسارعة من بيوت الطين إلى المنازل الحديثة ومن التخلف الاجتماعي والاقتصادي إلى التقدم الحضاري معنويًا وماديًا، ومن حياة القرى والتعليم بالتلقين حتى الابتعاث إلى أرقى الجامعات حيث المناهج القائمة على النقد والتفكير، والاختلاط بمجتمعات سبقتنا كثيراً في الحضارة والعلوم والإبداع، ثم تم توطين التعليم المتقدم في مدارسنا وجامعاتنا ومشافينا وخططنا التنموية حتى قفزنا بسرعة هائلة من مجتمع كان شبه متخلف متقوقع إلى مجتمع حضاري ينافس أرقى الحضارات..
كل هذا لم يتم رصده وتصويره في أعمال إبداعية (أدبية وفنية) إلا في بعض المشاهد الأدبية ومنها (ثلاثية ابن سعيد) التي لا أقول إنها رصدت ذلك الحراك الكبير لكنها قدمت لوحات ولمحات موحية عنه، منذ الطفولة حيث العلاج بالحجامة والكي إلى مرحلة الرجولة حيث أفضل المشافي بالمناسبة المملكة تفوقت على الدول المتقدمة في مكافحة الجائحة، بفضل الله، ومن السقّا والسراج إلى تعميم الماء والكهرباء في أنحاء المملكة التي تشبه قارة، مشاهد كثيرة صورها المؤلف كما عاشها بأسلوب سهل ممتع ومضمون مرّ على كثير من المتغيرات القوية في مجتمعنا من خلال تصوير ما مر به المولف نفسه والذي هو صورة مصغرة معبرة عن تطورنا الاجتماعي والثقافي والاقتصادي، هذا التطور الموحي بأعمال إبداعية، أدبية وفنية، نرصد فيها مجتمعنا ونرى حياتنا ونقارن بين ماضينا وحاضرنا بأسلوب فني يبقى على الزمن.




http://www.alriyadh.com/1908197]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]