تحدثت في مقال الأسبوع الماضي عن مستقبل الصناعة الإعلامية في ظل ثورة التواصل الاجتماعي والتهديد الذي هز عرش صاحبة الجلالة بعد أن تسيدت هذه الصناعة على مدى عقود طويلة من دون أن ينازعها أحد، إلى أن جاءت المنصات الجديدة وخلقت قواعد جديدة فرضتها على المشتغلين بالإعلام.
دار الحديث في المقال السابق عن تقرير أصدرته شركة أريكسون، كشفت من خلاله نظرة أكثر تفاؤلاً بمستقبل الصحافة والعمل الإعلامي، ولكن بشروط ثقيلة تحتم تغييراً جذرياً في الأدوات القديمة واعتناقاً كاملاً للأساليب الإعلامية الجديدة.
التقرير كشف عن أن مجرد تحويل المحتوى من ورقي إلى إلكتروني ليس إلا محاولات يائسة من أجل البقاء، وأن المؤسسات الإعلامية إذا ما أرادت البقاء والمنافسة فعليها أن تقدم إغراءات جديدة للقراء والمشاهدين تعيد اهتمامهم إليها، خصوصاً وأنه لا يزال لدى تلك المؤسسات نقاط قوة لا تمتلكها وسائل التواصل الجديدة.
ومن تلك الممارسات التي يجب أن تتبناها الصحافة لإعادة اهتمام المتلقي بها إلى الحد الذي يجعله يدفع أموالاً مقابل الاشتراك في خدماتها؛ تطويع التكنولوجيا وعلم البيانات لخلق أخبار مفصلة تهم شريحة معينة من المتلقين، وهذا أسلوب تتبعه محركات البحث العملاقة مثل غوغل وياهو، حيث يتم عرض ما يتواءم مع تفضيلات المستخدم عبر تحليل اهتماماته. وعلى هذا المنوال، عملت صحيفة Winnipeg Free Press الكندية على جعل محتوى صفحتها الرئيسة مصمماً بحسب اهتمامات الشخص الذي يتصفحه، ليس ذلك فحسب بل بالإمكان الذهاب إلى عملية تخصيص أعمق من ذلك؛ فمثلاً لو نشرت الصحيفة قصة حول مشروع جديد في إحدى المدن، فبالإمكان تجنب عرض معلومات أساسية للسكان الذين يقطنون قريباً منه بحكم معرفتهم المسبقة عن ذلك المشروع، وعوضاً عن ذلك يعرض لهم مستجدات المشروع والتفاصيل التي تهمهم، في حين يتلقى القراء البعيدون عن المشروع معلومات أساسية وتفاصيل تناسب حجم معرفتهم عنه. وهذا هو الاستخدام الأمثل للذكاء الاصطناعي في العمل الصحفي.
تقنية الواقع الافتراضي هي أيضاً إحدى الأدوات القوية التي من الممكن أن تغير قواعد اللعبة في مستقبل الإعلام، وصحيفة USA Today بدأت بالفعل محاولات تتيح لقرائها خوض تلك التجربة، وقد استخدمت الأمم المتحدة تلك التقنية في منح المهتمين تجربة التجول في أحد معسكرات اللاجئين باستخدام تلك التقنية من منازلهم، ما ينقص هذه التجربة هو تطوير نظارات أقل تكلفة، وهو ما يتم العمل عليه بالفعل، وفي المستقبل القريب ستتمكن من مشاهدة ذات التفاصيل التي يشاهدها مراسل الوسيلة الإعلامية وكأنك تتجول في منطقة الحدث وتعيش القصة كما لو كنت ترافق المراسل في الميدان.
التقرير حمل الكثير من التفاصيل التي ستعزز من عودة السلطة الرابعة إلى اهتمام المتلقين، ربما لا تكون عودة بذات القوة السابقة، لكنها ستضمن بقاءها على قيد الحياة على الأقل.




http://www.alriyadh.com/1908347]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]