رغم أن الإنسان هو منشئ ظاهرة المسرح ومخترعها إلا أن سعيه الدؤوب نحو الذهاب بالمسرح بعيداً في آفاق الدهشة أفرز أشكالاً وظواهر مسرحية يتداعي فيها دور الإنسان في العرض ليبرز مكانه أشياء وكائنات أخرى تحل محله وذلك انطلاقاً من حقيقة أن الفن يجب أن يغرد خارج المألوف،
التجربة بدت ملهمة، وتنامى اتجاه المسرح العالمى نحو ابتكارها وإعلانها تحت مسمى (مسرح الأشياء).
وأفصح المسرحيون عن شكل مسرحي يغيب فيه الممثل عبر عروض تختبر قدرتها على كيفية إيصال الفكرة من دون التمثيل التقليدي ومن دون المعاناة والشخصيات المكتوبة في النص، وهذا جعلنا إزاء ظاهرة مسرحية مغرقة فى الحداثة تتحرك فيها الأشياء على مسرح لا يخلو من الحكايات والقصص القصيرة ولكن بشكل يختلف عن المسرح التقليدى، وبشكل يمثل مفهوم «الإحيائية» كونه يعتمد فكرة "بعث الروح في المادة لنقل مفاهيم في غاية الأهمية بأسلوب بسيط.."
يراهن مسرح الأشياء على شخصيات توصل رسالتها عبر اللغة الجسمانية والأصوات والصراخ تارة وتتحاور وتخاطب الجمهور تارة أخرى، وهذا هو جوهر (مسرح الأشياء) كما تراه د. نجوى عانوس في كتابها المسرح والوعي والوجود في شعر جرجس شكري والذي تناولت فيه، نماذج حية تجسد هذا النوع من المسرح فتستعرض في مسرحية النشيد القومي الدور الذي لعبته السكاكين وهي تقطع في الجسد القومي لترتفع مكاسبها الاقتصادية على حساب المجتمع، وكيف أن السكاكين انقسمت إلى عدة مجموعات، مجموعة تمثل السلطة وتذبح، مجموعة أخرى تمثل مدعي الاشتراكية يحاولون الحصول على أكبر مكاسب من الشعارات، ومجموعة أخرى تمثل العلمانيين في صراع مع السلطة الدينية، التي تتهمهم بالكفر، فيما تتحاور المطرقة في مسرحية «المطرقة» مع الحداد حوارا حادا يعكس الصراع بين السلطة السياسية والشعب والسلطة المعرفية.
(مسرح الأشياء) ليس مقتصرا على الأطفال كما قد يتبادر إلى الذهن فصلاحيته بامتياز أن يكون لمسرح الكبار أيضا لأنه يحلّق في نسج وصياغة معاني ودلالات بليغة أكبر من وعي الطفل وهو ذلك المسرح الذي يعتمد على الخامات المادية طبيعية كانت أم مصنعة ومسرحتها بوصفها ملحقات مسرحية من شأنها الخروج بمعان عميقة صادمة تثير دهشة التلقي".
عملياً قدم مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر عام 2018 عرضين مسرحيين من عروض مسرح الأشياء هما: العرض السويسري "أنت وأنا "والعرض البرازيلي "بعثة المحيط الهادي"، وكان كلا العرضين قد اعتمدا "مسرح الأشياء" أسلوبا إخراجيا لفرضيتهما الفكرية والجمالية لفلسفة عرض كل منهما ووجدا الكثير من الاستحسان.




http://www.alriyadh.com/1908408]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]