نُفذت عملية الاحتيال المسماة (مساهمة بطاقات سوا) بتخطيط مُتقن، استهدفت شريحة واسعة من المجتمع ونجحت في جمع أكثر من ملياري ريال، التقيت أحد قادة العملية، عرفت منه خيوط اللعبة، سأروي بعضًا منها كما فهمتها، بدأت القصة بفكرة عمل مساهمة لجمع ما يمكن جمعه من أموال، ولا أعتقد أن مخطط العملية كان يحلم بعشر المبلغ الذي جُمع، كان الخيار الأمثل بطاقات سوا التي كانت رائجة في ذلك الوقت، ولإضفاء المصداقية والشرعية عليها تم الترويج بانها منحة وملاكها يرغبون في تسييلها بأسعار أقل من أسعارها الرسمية، وتم تحديد سعر السهم بسبعة عشر ألف ريال وأرباح يومية ألف ومائتي ريال، ثم اختير لتنفيذ العملية قائدين بمواصفات محددة ومدروسة بدقة، بدأت مرحلة تسويق المساهمة ولكن على نطاق ضيق أقتصر على الأصدقاء وزملاء العمل، توزيع الأرباح كان يتم بشكل يومي حتى اطمئن المساهمين وتم استخدامهم للترويج وإقناع الضحايا الجدد، بعد الزيادة المطردة في أعداد المساهمين تم تنفيذ خطة التوسع والانتشار عبر تعيين رؤساء للمجموعات لاستلام الأموال وصرف الأرباح والانتشار في عدة مدن، وتم التركيز في هذه المرحلة على رجال الدين وأئمة المساجد مقابل حصولهم على عشرة في المائة من الأموال المستقطبة، وصلت أعداد المساهمين الى أرقام كبيرة، التدفقات النقدية كانت عالية لدرجة أن المليون ريال كان يُفقد ولا يدري عنه أحد، قادة العملية لم يكن لديهم القدرة على التعامل مع السيولة العالية، لا سجلات ترصد حركة الأموال ولا سندات تحفظ الحقوق، بدأت المشاكل تظهر والاتهامات تطال رؤساء المجموعات، وتأخر صرف الأرباح، زادت الشكوك وبدأ المساهمون يشعرون بشيء من الخوف، كثر اللغط بين مؤيد ومعارض للانسحاب من المساهمة، النافذون سحبوا أموالهم بالقوة، والعامة ينتظرون تحسن الأوضاع، أعداد المساهمين الجدد نقصت، والسيولة شحت، وتوزيعات الأرباح توقفت والتخارج صار مستحيلاً، عندها أشرقت شمس الحقيقة وتبخر حلم الثراء، وانكشف الوهم، وأيقن قادة العملية ورؤساء المجموعات أنهم مجرد أدوات استخدمت لتنفيذ أكبر عملية نصب واحتيال في تاريخ المملكة، تُركوا لمواجهة مصيرهم أمام المساهمين، الجهات الأمنية تدخلت.. وقبضت على المتورطين ولكن تدخلها تأخر كثيرًا بعد أن ضاعت الحقوق، العقل المدبر للعلمية لا يعرفه أحد ولم يترك أي خيط للوصول اليه حتى قادة العملية لا يعرفونه ولم يلتقوا به، كان يربط بينهم وسطاء يتم تغييرهم في كل مرة، انتهت القصة في دهاليز المحاكم وربما يأتي اليوم الذي تنكشف فيه الحقيقة.
ستُبْدي لكَ الأيّامُ ما كنتَ جاهلاً
ويأتِيكَ بالأخبارِ مَن لم تُزَوِّدِ




http://www.alriyadh.com/1908526]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]