اختيار 44 شركة عالمية الرياض لتكون مقراً إقليمياً لها، وهذا يندرج ضمن توجه المملكة للتحول إلى مقر إقليمي للشركات العالمية، إذ سبق ذلك قرار بمنع الجهات الحكومية، سواء كانت هيئة أو مؤسسة أو صناديق استثمارية أو أجهزة رسمية، من التعاقد مع أي شركة في حال عدم وجود مقر إقليمي لها في المملكة بحلول عام 2024.
ولهذا، فإن هذا التطور الذي نشهده يعتبر نجاحاً لسياسة المملكة، خصوصاً أنه قد جاء على هامش فعاليات النسخة الخامسة لمبادرة مستقبل الاستثمار في المملكة، فهذا التزامن بين الحدثين ليس مصادفة، فاختيار الشركات للمملكة كمقر لها لأغراض الدعم والإدارة والتوجيه الاستراتيجي لفروعها وشركاتها التابعة العاملة لها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، اعتراف من قبل هذه الشركات بمستقبل الاستثمار في المملكة.
والأمر هنا لا يقتصر على الفائدة المعنوية، مع أهمية هذا الأمر، فالمكاسب التي سوف نحصل عليها من نقل الشركات العالمية الكبرى لمقراتها إلى المملكة، سوف تكون مزدوجة، فمن ناحية سوف تكون المملكة حريصة على أن تصبح مقراً مناسباً لهذه الشركات، وهذا يعني توفير كل المتطلبات التي تحتاجها تلك الشركات لممارسة نشاطها في بلدنا، الأمر الذي سوف يؤدي إلى تطور البيئة الاقتصادية والاجتماعية ووصولها إلى أرقى المستويات العالمية، فبين هذه الشركات وبين السلطات المعنية بنشاطها، سوف يكون هناك حوار مستمر، حتى لا تقل الأرباح التي تحصل عليها في الرياض أو في أي مدينة سعودية أخرى عن الأرباح التي تحصل عليها مقراتها في بقية مدن العالم، ولهذا علينا أن ننتظر الفوائد التي سوف نحصل عليها من هذا التفاعل الدائم مع تلك الشركات، ومردودها الكبير علينا.
من ناحية أخرى، فإن نقل الشركات العالمية لمقارها إلى مدننا، يعني أننا قد أصبحنا مشاركين في إنتاج القيمة المضافة التي تقوم بها هذه الشركات، وضمان أن المنتجات والخدمات الرئيسة التي يتم شراؤها من قبل الجهات الحكومية المختلفة يتم تنفيذ جزء منها على أرض المملكة، وأن هناك محتوى محلياً مناسباً ضمنها.
وثمة أمر مهم، وهو اعتماد هذه الشركات على السوق السعودية بمعناه الواسع، وأنا هنا لا أعني المنتجات التي سوف تشتريها هذه الشركات من السوق المحلية لتلبية احتياجاتها، بقدر ما أعني سوق العمل السعودية، فهذه الشركات سوف تختار العديد من شبابنا للعمل في مقراتها الجديدة، ولهذا، فإن جزءاً من القيمة المضافة التي سوف تنتجها هذه الشركات سوف يتم بأيدٍ سعودية. وليس ذلك وحسب، وإنما أيضاً الخبرة العالمية في الإدارة التي سيحصل عليها شبابنا من خلال عملهم في هذه الشركات، وهذا هو الأهم، لأن هؤلاء الشباب سوف يكونون مديرين للعديد من الشركات في المستقبل.




http://www.alriyadh.com/1916080]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]