القصة ابتدأت هكذا، أحدهما تقني يعمل في شركة كبيرة ولديه مستقبل واعد، وآخر أصغر منه قليلاً تائه يخوض في معمعة الحياة، يقبل في هذا الاتجاه حيناً ثم يتراجع، ويقبل على اتجاه آخر ويدبر. كان الأول مميزاً في مجاله ولديه مبادرات خاصة يسر بها إلى من يثق بهم، لكنه خجول ومحب للعزلة، أما الآخر لديه موهبة قراءة الآخرين والتأثير فيهم. كانت العلاقة بين الاثنين وطيدة، فلا غرابة إذا كان كلاهما محتاجاً للآخر، فالأول يبحث عمن يكسر عزلته فيتكلم نيابة عنه، أما الآخر فيبحث عن شيء يستحق التحدث عنه وإقناع الناس به. كان اسم الأول ستيف وازنياك والآخر ستيف جوبز.
مارس وازنياك هواياته التي يعرضها على زملائه ومنهم جوبز، ومقدماً بها في الأندية التقنية دون أن يكون له طموح يذكر. على عكس وازنياك، كان جوبز يحرضه على تسويق ابتكاراته وبيعها. ورغم أن الاثنين يكمل بعضهما بعضاً، إلا أن آراءهم لا تتفق تماماً، بل إن الخلاف الذي ينشب بينهم لا يحل أحياناً إلا بالوساطة. كانت الخلافات المحورية بين وازنياك وجوبز تتعلق برؤيتهما لمستقبل الحاسبات، وفي إحدى المرات تدخل زميلهم المشترك رونالد في حل الخلاف في بيته. بعد أن قبل الاثنان تدخل رونالد وقبلا مبادرة التسوية، اقترح جوبز إنشاء شركة جديدة يكون له ولوازنياك الحصة الأكبر، وتكون لرونالد حصة صغيرة (10 ٪) نظير دوره في التوسط بين الاثنين عند الخلاف. كانت الشركة التي أنشئت تلك الليلة في بيت رونالد وكتب وثيقة إنشائها بنفسه هي شركة آبل التي نعرفها اليوم.
كان رونالد في الأربعين من عمره موظفاً في شركة أتاري. قبل خمس سنوات من إنشاء آبل، كانت لرونالد تجربة فاشلة في إنشاء شركته الخاصة، فقرر بعدها أنه لا يصلح للعمل التجاري. رغم ذلك، فقد وافق رونالد على الدخول شريكاً تلك الليلة. كان رونالد ما زال يعيش تحت وطأة الفشل الذي مر به، وكانت الديون تحوم حوله مع خطر حيازة ممتلكاته أو تجميدها لاستيفاء ما عليه من التزامات. بعد أسابيع، توجه دونالد لجوبز طالباً منه شراء حصته من الشراكة التي قدرت حينها بثماني مئة دولار لا غير.
المدهش في قصة رونالد، أن دوره الذي طلب منه على بساطته كان سيعود إليه على الأقل بملياري دولار اليوم لو استمر في الشراكة أخذاً بالاعتبار تقلص حصته بدخول شركاء آخرين. لم يعد دونالد إلى مشاركة أحد بعد ذلك وعاش على راتبه التقاعدي حياة بعيدة عن الثروة والشهرة والأضواء.




http://www.alriyadh.com/1920944]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]