ثمة ثلاثة فئات من المستضعفين في الأرض، لا بد لأي شخص لديه الحد الأدنى من العاطفة والمشاعر الإنسانية أن يتعاطف معهم، فإذا ابتلاه الله بأن يكون من حملة القلم فلا بد أن يدافع عن حقوقهم ويطالب بإنصافهم، والفئات الثلاث هم: المرضى وصغار المستهلكين وصغار الموظفين المبدعين.
وطبيعي جدا عندما تطالب بحقوق المستهلك أن يغضب منك التاجر الجشع المستغل للمستهلك، لكن التاجر الأمين الصادق سيرضى عنك، ومن المعتاد عندما تطالب بحقوق الموظف الصغير المبدع، المأكول المذموم، أن يعاديك المدير الذي أكل حقوقه وسرق إنجازاته ويعاديك معه من استفاد من هذا الظلم من مساعدي المدير وكبار موظفيه المستفيدين، لكن المدير الأمين والموظف الصالح سيصادقك ويصادق على ما تكتب، وغني عن القول إنك حين تطالب بحق المريض في تفرغ الطبيب لتقديم الرعاية الواجبة له والتي يتقاضى عنها راتبا وبدل تفرغ، فإن الطبيب، الذي أهمله وخرج من المستشفى الحكومي خلال الدوام ومخالفا للنظام ليكسب مزيدا من المال في مستشفيات تجارية، سيغضب منك حد الكراهية، لكن الطبيب الأمين المخلص لشرف المهنة الملتزم بالقسم العظيم سيحبك.
مثلما دافعت عن حقوق المستهلك وشاركت ضمن 34 آخرين في تأسيس جمعية حمايته، ومثلما طالبت بحقوق صغار موظفين أسوة بكبارهم وتحدثت عن سرقة إنجازاتهم وتجييرها لمديرهم ليأخذ المكافأة والثناء، قمت في الوقت نفسه بكشف ألاعيب أطباء حكوميين منحتهم الدولة -أعزها الله- الراتب الجزيل والبدلات العالية ومنها بدل التفرغ، ومع ذلك تركوا مرضى المستشفى الحكومي نهارا جهارا وأهملوا عملياتهم وأخروا مواعيدهم، بل وتخلفوا عن مواعيد لمرضى جاؤوا من قرى وهجر بعيدة، كل ذلك للخروج أثناء الدوام لمستشفى أهلي أو تجاري بحثا عن كسب إضافي غير مشروع بل ممنوع نظاما (الغريب أن المستشفى الأهلي يعوض من وزارة الصحة عندما يسعف مواطنا ويعالجه وفي الوقت نفسه لا يدفع للدولة ثمن استغلاله لطبيب حكومي مخالف، وقد سبق أن طالبت أن تكون غرامات مليونية رادعة).
لم أكن قط ضد الأطباء الشرفاء المخلصين الذين شرفوا الوطن، بل أكاد أن أكون أكثر من أشاد بهم بالأسماء ومنهم رواد في تخصصاتهم مثل (مع حفظ الألقاب) محمد السبيل في زراعة الكبد، ومحمد الفقيه ومؤيد الزيبق وزهير الهليس في القلب، ومحمد القطان في جراحة اليد، وعبدالعزيز القناص في جراحة القدم السكري، وعبدالله الربيعة ومحمد الوهيبي وسعود الجدعان وأحمد الفريان في فصل التوائم، وصالح العزام في جراحة العظام، وإبراهيم الجدعان وهشام الكريع وخالد الجبير في جراحة العيون، وسعود التركي في جراحة الأوعية الدموية الدقيقة، ومحمد العبداللطيف في جراحة الصدر وابتكاراته في عدة مجالات علاجية، ومشعل الجهني وحمدان الجحدلي في الباطنة، ومحمد الفيفي في الأطفال، ونوفل الجريان وسمير الحامد وخالد الجهني في طب الطوارئ، ولا بد أنه قد يغيب عني أو أنسى كثيرا من أطباء شرفاء شرفوا المهنة والوطن فأحببناهم وأحبونا وتشرفنا بهم.
لا يفاجئني أبدا أن يصرح طبيب أو طبيبة بأنه يكرهني، بل لا يشرفني أن يحبني طبيب أو طبيبة رضي على المريض بأن يعاني غياب الاستشاري الحكومي المنشغل في مستشفى خاص من أجل كسب غير مشروع، فالراضي كالفاعل، ولأحبتي غير المصدقين بأن ما يحدث هو فساد طبي معلن، أقول لهم ابحث عن بعض الاستشاريين الحكوميين صباحا وظهرا وعصرا في مستشفياتهم الحكومية ولن تجدهم، وستجدهم في مستشفى خاص، عندها لا تعتقد أنه تشابه أسماء أو استنساخ، بل هو تشابه ضمائر واستنساخ مخالفات لم تردع سابقا لكنها ستردع في عهد الحزم والعزم، ولن تنطلي حجتهم بأن ذلك ليستفيد منهم مريض الخاص فهم بذلك أضاعوا المريضَين فأهملوا مريض الحكومي واستعجلوا سلب مريض الخاص، والدليل أنهم يعملون في أكثر من مستشفى خاص (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه) وهذا سبب شيوع الأخطاء الطبية القاتلة فأين الفائدة؟
إن المستفيد هو طبيب مخالف ومستشفى خاص أكلها باردة مبردة دون مقابل ولا نظام ولا تقنين.




http://www.alriyadh.com/1920945]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]