الموضوعية هي الانتماء للحقيقة، هي الرأي المستند على الأدلة، هي الولاء للعلم وليس للأشخاص، هي إصدار آراء وأحكام غير مقيدة بالرغبة أو التمنيات، هي التحليل والبحث والتفكير النقدي. الموضوعية هي أن تقف مع الحق وليس مع الأشخاص.
ترتبط الموضوعية في أذهان الناس بالعلم والثقافة والأخلاق، هذا لا يعني أنها صفة ثابتة ملازمة لكل عالم وباحث ومثقف في كل الظروف، حتى البحوث العلمية التي تخضع للتقييم وفق معايير بحثية صارمة قد تختفي هذه المعايير إذا اختفت القيم الأخلاقية. أما بعض من يستمتع بصفة مثقف فهو قد يعطي لنفسه مساحة من الحرية الفكرية تجعله يطرح الآراء القاطعة أو المتناقضة ويعطي لنفسه الحق في عدم احترام الرأي الآخر والهروب من قيود الموضوعية.
تتكون آراء الإنسان وأحكامه من خبراته المتراكمة وتجاربه والثقافة التي نشأ فيها، ويجد نفسه في بعض الحالات أسيرا لهذا الإطار المرجعي، هذا تأثير يخضع له الجميع إلا في حالات نادرة ومنها ما يرتبط بطبيعة عمل تستوجب الموضوعية، أما في الحوارات بكافة أنواعها فهي عرضة للخروج عن الموضوعية لأسباب مختلفة منها ضعف الحجة أو الاعتداد بالنفس أو الخضوع لتأثيرات خارجية.
السبب الأخير - التأثيرات الخارجية - تقود إلى إنكار الحقائق والإنجازات ومسح التاريخ الموثق بجرة قلم أو بكلمة عابرة.
الموضوعية مبدأ أخلاقي وعلمي وفكري يحتاجها الإنسان في شؤون الحياة المختلفة، في البيت والمدرسة والعمل، يحتاجها المعلم والتاجر والباحث والطبيب والإداري وكل إنسان مهما كانت طبيعة عمله. الموضوعية تربطها علاقة حميمة بالحياد والأمانة وتتفاوت صعوبة تطبيقها من مجال لآخر، في الطب والقضاء والبحوث العلمية مجالات تحضر فيها الموضوعية أكثر من حضورها في مجالات أخرى.
مؤثرات كثيرة تعيق الإنسان عن الالتزام بالموضوعية تفتح المجال للأسئلة، فهل تتوفر الموضوعية لدى الكبار؟ إن كانت كذلك فهل تنتقل إلى الجيل الجديد؟ يمكن القول بملاحظة عامة وغير دقيقة وربما (غير موضوعية) أن هذه الصفة نادرة في سلوك الجيل الجديد بسبب مؤثرات كثيرة منها الخضوع لأفكار جاهزة ونمطية متكررة، هل يعني هذا أن الكبار بحاجة للتدريب على الموضوعية؟ أما الجيل الجديد فيمكنه اكتسابها بالتعليم والتربية بشرط أن يكون ذلك بالممارسة والتدريب في البيت والمدرسة وليس بالمحاضرات والتوجيه المباشر والتوعية النظرية.




http://www.alriyadh.com/1921274]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]