كتبت العام الماضي: إن العالم يفترض أن يوحد جهوده ضد كورونا. ولكن، مثلما رأينا، فإن الذي حدث كان عكس ذلك. والسبب يعود إلى التطاحن بين الدول الكبرى، التي تملك المال والمستشفيات واللقاحات والخبرة.، فمن الواضح أن الأنانية قد تغلبت على المبادئ الإنسانية. وعلى أية حال، فإن أطماع الدول الكبرى لم تختف في يوم من الأيام، وهذا يؤدي في بعض الأحيان إلى إلحاق الخسائر بها، وذلك وفقاً للمثل العربي: «الطمع يُذهب ما جمع»، فالرغبة في الحصول على الأرباح الطائلة، هي التي أدت إلى عدم تمكن العالم من السيطرة على الوباء، وظهور موجات متعددة ومتحورات مختلفة للفيروس التاجي.
وأحد مظاهر الجشع العالمي، هو عدم الاعتراف باللقاحات المكتشفة كافة، وهي لقاحات أثبتت فعاليتها في البلدان التي تم استخدامها فيها ولكن ذلك لم يشفع لها. فأصبحت الصين تعترف باللقاحات الصينية دون غيرها وكذلك تفعل الولايات المتحدة وروسيا وأوروبا.
وفي هذه المعمعة نسي العالم، أن هناك بلداناً فقيرة، لا تملك الموارد المادية لشراء ما تحتاجه من لقاحات. ولذلك أصبحت هذه البلدان البؤرة التي ينتشر فيها الفيروس التاجي، ويرتد إلى أنحاء العالم كافة، فيما يشبه انتقام الفقير من الغني. فمواطنو هذه البلدان، يذهبون لكسب لقمة العيش خارج بلدانهم، ناشرين معهم الفيروس في البلدان التي يذهبون إليها.
وهكذا أصبح واضحاً أن القضاء على كورونا غير ممكن، ما لم تتخل البلدان الغنية عن أنانيتها، فالفيروس التاجي ما لم يقض عليه في أنحاء العالم كافة، فإن مصادر العدوى (البلدان الفقيرة) ستبقى. وهذا يقلل من النجاحات التي تحققها البلدان الغنية في التصدي للوباء. فالعالم، في ظل تطور وسائل الاتصال، قد أصبح أشبه ما يكون بالبيت الذي يحتاج إلى تطهير غرفه كافة. لأنه ما لم يتم ذلك، فإن الغرف غير المعقمة سوف تصبح مصدر عدوى للغرف التي تم تعقيمها.
لذلك، فإن منظمة الصحة العالمية، يفترض أن تغير أساليب عملها. ولكن حتى يتأتى لها ذلك، تحتاج إلى دعم الدول الكبرى صاحبة القرار في مجلس الأمن الدولي، وأول ما يفترض اتخاذه بعد اكتشاف أوميكرون هو محاصرته في البلدان التي بدأ يظهر فيها، والقيام خلال ذلك بحملة تبرع باللقاحات -من قبل البلدان الغنية إلى الدول الفقيرة- ومد جسر جوي إلى هناك قبل نهاية العام. وفي هذا المضمار، يمكن أن تكون اللقاحات الصينية والروسية غير المكلفة والتي لا تحتاج إلى درجة حرارة منخفضة جداً لحفظها مفيدة أكثر من غيرها. فالاقتصاد العالمي لن يتمكن أن يعيش مرحلة أخرى مشابهة للمرحلة التي عاشها العالم في العام الماضي.




http://www.alriyadh.com/1922023]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]