من المعروف والمتفق عليه أن الكهرباء تعتبر من المرافق الخدماتية الأساسية التي تضاهي في أهميتها وضرورة توفيرها وإتاحتها مثيلاتها من الخدمات الضرورية الأساسية كالتعليم والأمن والصحة والطرق نظرًا لما لها من الأهمية وبعد الأثر في حياة الإنسان ومعاشه ودوام نشاطه وعطائه، وكلنا نعي أنه من غير الممكن أن نتصور حياتنا بدونها أو حتى حرماننا منها ولو لفترات قصيرة إذ أصبحت اليوم تدخل وتؤثر في الكثير من الأنشطة والإعمال ووسائل الإنتاج، فبغض النظر عن كونها مصدرًا للإنارة والتكييف وتشغيل الأجهزة وتحريك المعدات إلا أنها تذهب بعيدًا في مدى أهميتها وحساسيتها لجميع القطاعات السكينة والتجارية والصناعية والطبية وبخاصة في المستشفيات وغرف الإنعاش والعمليات الجراحية والطبية الأخرى، كذلك في المطارات ودور العبادة والمرافق الأمنية والسلامة والاتصالات، كما أن البعض يعيش على أجهزة كهربائية تمده بالحياة والبقاء كالتنفس وتنظيم حركات القلب والمشي وإنعاش معظم الحواس الأخرى، والمتخصصون في تخطيط وصناعة الكهرباء يبذلون أقصى الجهود مستثمرين ما لديهم من وسائل علمية وأساليب إحصائية ونماذج اقتصادية وبرمجيات حاسوبية تم تعلمها وتبنيها وتطبيقها والالتزام بها في برامج دراسية وخطط علمية ومؤتمرات مهنية. ويُعَدُّ التخطيط في صناعة الكهرباء من أدق العمليات الصناعية وأعمقها تداخلاً وتشابكًا وتعقيدًا. فلكي نصل لتصميم هيكل التعرفة المثالي المريح (وهو لبُّ هذا المقال ومقصده) يجب أن تُدرس تكلفتان وهما التكلفة الرأسمالية (تكاليف المعدات) والتكلفة التشغيلية (تكاليف الوقود والصيانة) وذلك بغية الوصول للسعر الحقيقي لتكلفة إنتاج وحدة الطاقة الكهربائية (الكيلوات ساعة) والتي على ضوئها يُقيَّم ويُحسب سعر الطاقة المباعة (هللة لكل كيلواط ساعة). وثمة جانب آخر له أهمية كبرى في عالم التخطيط الكهربائي يُعرَف بعلم «استراتيجيات إدارة الأحمال»، وهو علم تخصصي قائم بذاته يعتمد على دراسة وتحليل وتنظيم العلاقة بين جهة الإمداد (شركة الكهرباء) وجهة الطلب (المشتركين) وكيفية تنسيق هذه العلاقة بينهما وإيجاد مناخ مثالي متَّسق يحقق واجبات وحقوق كل جهة منهما على حدة يقوم على مبدأ أن الكهرباء طاقة لا يمكن تخزينها كالماء لحين الحاجة إليها بل يجب أن تنتج بكل موثوقية وجودة وينبغي أن تستهلك في حينها بشيء من الحنكة وحسن الاستخدام والترشيد والبعد عن الهدر والإسراف.
وفي الآونة الأخيرة ونظرًا لتغيرات طرأت في تعرفة الكهرباء صعودًا وارتفاعًا ونظرًا لارتفاع معدلات درجات الحرارة في الصيف وما يصاحبها من تعاظم الاستهلاك بسبب التكييف فقد زادت التكلفة وبخاصة بعد تركيب العدادات الذكية من قبل الشركة مؤخرًا والذي لوحظ معه زيادة الاستهلاك مقارنة بتلك العدادات القديمة (الميكانيكية). ومن الحقائق في علم الكهرباء والتي قد لا يدركها غير المتخصصين هو أن الطاقة المستهلكة لدى المشترك تتضمن نوعين من الطاقة وهما الطاقة الفاعلة والطاقة غير الفاعلة، والفرق بينهما أن العداد يقيس تلك الطاقة الفاعلة فقط وهي المستهلكة والتي على أساسها يتم حساب الفاتورة وهذا ما يتم بالنسبة للعدادات القديمة، لذا ربما أن العدادات الجديدة (الذكية) تقوم بحساب الطاقتين معًا وبالتالي يزداد حجم الفاتورة بحساب طاقة لا يستفاد منها بل تضيع هدرًا في الأجهزة والمعدات بيد أنها تقع على كاهل المشترك، وعلى الشركة حينئذٍ أن تبين حقيقة ذلك. كما عليها أن تبين عما إذا كانت إحدى وظائف العدادات الذكية (وهي حساب الاستهلاك خارج أوقات الذروة والأحمال القصوى) متاحة في عداداتها الجديدة أم غير ذلك.
لذا فإن فواتير الكهرباء أضحت في وقتنا الحاضر معضلة كأداء وبخاصة أمام المتقاعدين وذوي الدخول المحدودة، وقد تم عرضها ونقاشها مؤخرًا في إحدى جلسات مجلس الشورى الموقر. لذا يُرى أن بالإمكان إعادة النظر في تلك الشرائح من قبل هيئة تنظيم الماء والكهرباء وشركة الكهرباء تبعًا لتطبيق تلك العدادات التي أطلق عليها ذكية لأن من المفروض أنها إذا كانت كذلك فمن المفروض أن تحسب الاستهلاك تبعًا لزمن الاستخدام والتوعية لأن يكون خارج أوقات الذروة وأحمالها القصوى كلما أمكن ذلك وبما نصَّت عليه بنود كود البناء السعودي لتكون التكلفة أخف وطئاً وأدنى تكلفة وأقل تحملاً وبخاصة لتلك الفئات المقصودة من المجتمع.
جامعة الملك سعود




http://www.alriyadh.com/1922331]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]