ما زالت الصورة النمطية عند بعض الدول العربية وحتى الأجنبية عن شعب المملكة بأنه مجموعة من القبائل والأسر البدوية التي لم ترتقِ في السلم الحضاري البشري إلا بعد اكتشاف النفط، وحتى مع ذلك ما زال ارتقاؤها شكلياً حتى اليوم.
والحقيقة أن مثل هذه الصورة النمطية تعتبر غير صادقة البتة، فشعب هذه الأرض المباركة لم يكن طارئاً على الحضارة أبداً، بل كانت أرضه -وما زالت- هي مهد الحضارات، فمن هذه الأرض المباركة انطلقت الهجرات السامية إلى مختلف أنحاء الشرق الأدنى القديم مكونة الحضارات التي عرفها العالم آنذاك، وفي هذه الأرض قامت الحضارات العربية العريقة قبل الإسلام، وبني أول بيت وضع للناس الذي ببكة قرابة العام 1750 ق.م، وتطور الخط العربي في هذه الأرض، ثم ظهر الإسلام كخاتم الأديان في القرن السابع الميلادي.
وفي العام 1157 هـ ظهرت الدولة السعودية الأولى التي أعادت لهذه الجزيرة العربية وحدتها التي فقدتها منذ عهد الصحابة رضوان الله عليهم، وتلتها الدولة السعودية الثانية، ثم استعاد الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- ملك آبائه وأجداده عندما استعاد الرياض عام 1319هـ لتبدأ ملحمة توحيد الوطن لأكثر من ثلاثين عاماً، كان الملك عبدالعزيز يصنع خلالها الإنسان قبل اكتشاف النفط. ويكفي أن نذكر مشروع توطين القبائل، وهو أكبر استثمار في المورد البشري السعودي آنذاك، وحرصه على ابتعاث أبناء بلده للدراسة حتى قبل اكتمال التوحيد.
ورجل بهذه العقلية الفذة لم يكن متوقفا على اكتشاف النفط ليرتقي بشعبه ودولته، ولكن اكتشاف النفط -وبلاشك- كان عاملاً مهماً في تحقيق استراتيجيته الوطنية -رحمه الله-، ففي الثالث من مارس لعام 1938م جادت أرض المملكة بأول اكتشاف نفطي على أراضيها في بئر الدمام رقم 7 أو ما عرف باسم «بئر الخير»، لتبدأ المملكة عصرا جديدا من استثمارها في الإنسان والوطن. وتتحول أرض المملكة إلى أعظم قصة بناء شهدها التاريخ الحديث.
واليوم، وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- ما زال النفط وسيلة لبناء الإنسان السعودي والوطن، كما أن قصة البناء السعودي تجاوزت النفط عبر رؤية الخير، رؤية المستقبل 2030 وهي تجد بدائل متنوعة وأكثر استدامة للاستمرار، فهل البترول هو من صنع السعوديين؟ أم هم من صنعوه؟ وقادرون على صناعة غيره من الوسائل الخلاقة المعينة على الاستمرار في البناء والازدهار؟




http://www.alriyadh.com/1922361]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]