سنة 2017 صدر كتاب مهم بعنوان "حرب الذكاء الاصطناعي" للفرنسي لوران ألكساندر، يطرح أسئلة في غاية الخطورة عن مصير العقول البشرية أمام تطور "أدمغة السيليكون". كيف ستبدو مهنة التعليم العام 2050 مثلاً؟ وكيف سيتفاعل قادة العالم التكنولوجي المتنافسون على امتلاك العالم مع الأجيال المقبلة؟ هل يمكن أن نصل إلى مرحلة تزرع فيها شرائح في أدمغة الأطفال لتجنب تهميشهم أمام تسونامي ذكاء الآلات؟ هل سيخوض العقل البيولوجي السباق الذي يخوضه الأميركيون والصينيون حالياً للسيطرة على الاقتصاد العالمي؟
لوران ألكساندر -طبيب أعصاب جرّاح، كاتب، رجل أعمال وناشط سياسي- صنع لنفسه اسماً من خلال دخوله عالم التكنولوجيا، واشتهر أكثر بكتبه مثل كتابيه "تراجع الموت" و"علم الوراثة وما بعد الإنسانية"، أما أفكاره حول تحسين النسل عن طريق التعديل الجيني فهي أكثرها إثارة للجدل، رغم بدء ظهورها في الصين، إضافة إلى معارضته بشدة لعلماء البيئة حول ظاهرة الاحتباس الحراري.
في كتابه يطرح مشكلة الذكاء الاصطناعي الذي سيؤثر حتماً في حياتنا، مُحْدثاً تغييرات مذهلة قريباً في برامج التعليم وفي مستقبل البشرية جمعاء. ويشرح بشكل مفصَّل كيف يتقدم الذكاء الاصطناعي بسرعة تفوق تطور الذكاء البيولوجي مئة مرة كل عام، إذ يستغرق تدريب مهندس أو اختصاصي أشعة على سبيل المثال ثلاثين عاماً فيما يحتاج الذكاء الاصطناعي إلى بضع ساعات من البرمجة! مع ملاحظة أن المدرسة -خاصة في أوروبا- لم تتطور منذ 250 عاماً، والتي تدرّب الناس على مهن الأمس.
ينبّهنا الدكتور ألكساندر إلى ميكانيزمات فهم الآثار الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لظهور الذكاء الاصطناعي وإلى الطبّ التكنولوجي المرتبط به، وإلى الخيارات الإجبارية التي ستجعلنا نعْبُر إلى حقبة يصبح فيها الإنسان كائناً بشرياً بذكاء خارق مُعدّل جينياً، أجيال ستولد في الصين وأميركا بدعم من شركات عملاقة، مثل: شركة "غافا"، بذكاء ينافس ذكاء أدمغة السليكون، حينها سنشهد اضطرابات حتمية في كل قطاعات الحياة، وتوازنات العالم.
كيف سيتم توزيع الصلاحيات بين الدول؟ وما العواقب المتوقعة على مستوى عدم المساواة بين البلدان والفئات الاجتماعية؟ يخبرنا الدكتور أليكساندر أن هروب الأدمغة الأوروبية إلى أميركا يعني أن مناهج تعليمنا المقبلة كلها ستكون مُحضّرة ومصنّعة هناك، وأن مستقبل أوروبا وتبعيتها لأميركا وارد بقوة بل نتيجة حتمية "سنصبح جزءاً من العالم الثالث" يقول. ويذكرنا بمصير حضارات كانت في الريادة، مثل: اليونان والأندلس، وانتهت بسبب استخفافها بقوة الذكاء وتطوره.
في نهاية حوار أجري معه على القناة التلفزيونية الفرنسية الخامسة يقول: "توقفوا عن تلقين أولادكم معلومات لا تفيدهم في مستقبلهم، يجب تدريبهم على فكر نقدي، يجب أن يقرؤوا الأدب والفلسفة والتاريخ، ويتعلموا النقاش، وإنتاج أفكار جديدة مبنية على رؤى شاملة للمستقبل، اجعلوا أبناءكم يقرؤون ثلاثة كتب في الأسبوع، إنها أفضل طريقة لحمايتهم وتحضيرهم لمواجهة حرب الذكاء الاصطناعي".




http://www.alriyadh.com/1930880]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]