استشهد رئيس نادي الإبل الشيخ فهد بن فلاح بن حثلين في أكثر من إجابة من إجاباته على أسئلة الإعلامي المبدع عبد الله المديفر بشطر الشاعر الكبير خلف بن هذال الشهير: "من دون صهيون بذّتنا صهاينا"، لاسيما في إجاباته التي ردّ فيها على الانطباعات والآراء السطحية الصادرة عن فئة من أبناء وطننا يوصفون بأنهم "مثقفين" أو "إعلاميين"، ويفترضُ المتابع أن آراءهم تستند إلى رصد ومتابعة دقيقة لا على أحكام مُسبقة ومُتحيزة، كما يفترض أن ينصفوا تراث بلادهم لا أن يرددوا بطريقة "ببغاوية" الأحكام السطحية التي يكتبها ويتفوه بها الآخرون. وقد اعتادت تلك الفئة مهاجمة كل ما له علاقة بتراثنا وربطه بمفاهيم ومصطلحات سلبية تُنفِّر منه، ومن أبرز الاتهامات والمصطلحات التي عرضها المديفر وأحسن ابن حثلين في الردّ عليها: "الهياط، غسيل الأموال، الإسراف ...." وغيرها من المصطلحات التي تكرِّس في أذهان الناس صورة مشوهة عن الإبل ومهرجاناتها والمهتمين بها.
ما دأبت عليه تلك الفئة من هجوم على مهرجان الإبل يذكرنا بالهجوم القديم، الذي استمر إلى زمن قريب، على الأدب والمأثورات الشعبية، إذ حورب تراثنا الشعبي بحجج واهية من بينها أن الاهتمام بتدوينه ودراسته يعني بالضرورة حرباً على اللغة العربية وإفساداً لها، وحرص مدعو الثقافة على نشر آراء تقرن الأدب الشعبي في أذهان الناس بالجهل والتخلف والعنصرية وبالقيم التي تتنافى مع الدين والأخلاق، كما حرصوا على تشويه صورته باتهامه بالركاكة والفقر اللغوي والفكري، واتهام مبدعيه بأنهم جهلة أو أنصاف مثقفين. لكن المبهج أن بعض الجهات الحكومية المعنية بالتراث، كنادي الإبل ووزارة الثقافة، لم تعد تلتفت لمثل تلك الآراء المتحيزة، وأصبح الاهتمام بالتراث الشعبي بمختلف ألوانه واقعاً في ظل وجود قيادات شابة تؤمن بأنه جزء من تاريخنا ينبغي الحفاظ عليه ودراسته ونقله للأبناء، ومن المبادرات المميزة التي أطلقتها وزارة الثقافة مؤخراً "مبادرة التراث الثقافي غير المادي"، وهي مبادرة وطنية تهدف لتثقيف الطلاب والمعلمين من كافة أنحاء المملكة بالتراث السعودي، وتسعى لتطوير المهارات البحثية للطلاب في مسارات متنوعة منها: الفنون الأدائية، والقصص الشعبية والأمثال والقصائد والأهازيج، والألعاب الشعبية، والحرف التقليدية.
ما يميز هذه المرحلة في تاريخ مملكتنا الحبيبة هو وجود مسؤولين شباب يمتلكون طموحاً ووعياً واسعين ورؤية ثاقبة تساعدهم على النظر إلى الأمور بجدّية وتجرد تام بعيداً عن الآراء المتحيزة أو المتحجرة، إلى جانب امتلاكهم لشجاعة اتخاذ قرارات جديدة قد لا تجد القبول من بعض الفئات لكن الواقع يؤكد دائماً على جدواها وأنها لم تصدر إلا بعد دراسة وتمعن، ولا شك أن جهود العناية بتراثنا وما يتعلق به، من قِبل المسؤولين في نادي الإبل أو في وزارة الثقافة، جهود كبيرة ورائعة وجديرة بالدعم والإشادة.




http://www.alriyadh.com/1930752]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]