يحكي لي أحد المعلمين عن معاناته مع تلاميذه، والثقافة التي يحملونها، ويشير إلى أن فيض المعلومات والمعارف الخاصة بالقيم والتاريخ وما يحتاجه المجتمع وحتى الأدب وكيفية التعامل قد أصبحت ضحلة لدى التلاميذ، ويرى أن هذا الجيل في معظمه لا يعرف إلا أسماء لاعبي الكرة والمشاهير الآخرين على "السوشال ميديا" ويتعصب لهم، مؤكداً أنه جيل يستقي معارفه وفكره من المعلومات السريعة التي يجدها من الجهاز الذي يحمله أو يشاهده.
هذا المعلم يقول في كل مرة أحاول أن أختبر ثقافتهم ومعلوماتهم في المعلومات العامة أجدني أمام نسبة بسيطة من المدركين العارفين، وأقول للمعلم الفاضل: إن هذا الأمر أصبح شأناً عالمياً من حيث أن الأجيال الجديدة تدور في فلك ما ينقل إليها عبر وسائل التواصل أو من خلال القنوات التلفزيونية التي يتابعونها.
هنا قد تكون الاهتمامات للجيل الحديث مختلفة بعض الشيء بين تشجيع كروي ومتابعة فنون أو حتى ملاحقة "سنابات" ومواقع مشاهير، لكن سأختار شأناً مهماً نلحظه من خلال مواقع التواصل، حيث أن لدينا فكراً كروياً متعصباً بات مسيطراً على معظم الجيل الشاب في السعودية، وبات تلاقيهم وتنافرهم وتحاورهم، بل تشاتمهم وتلاسنهم، ينبع من خلال الانتماءات المرتبطة بهذه المستديرة، وزاد أن غشى على ثقافتهم ومعلوماتهم لأنهم انشغلوا به وأهملوا المهمات الأخرى.
هذا الأمر ومن فرط انتشاره، تم استغلاله من قبل منظرين متعصبين، في المواقع والقنوات التلفزيونية، ونؤكد كما المعلم اتساع الأمر وسيطرته على كل شيء في ظل دخوله أيضاً إلى محو المعلومات المطلوبة للجيل الجديد، بل بدخوله إلى الذمم والحب والكره، حتى تمني انتهاء الآخر وزواله، نقول ومع ذلك الارتقاء الكروي مشاهدة وتعاطياً وفكراً أُبتلينا بتافهين متعصبين تكاثروا أكثر من لاعبي الكرة، يكذبون ويختلقون، ومع ذلك تُفرد لهم القنوات والساحات المساحات.
كثير من منظّري كرة القدم في عداد التافهين أو سقط المتاع في المجتمع، هم سبب المشكلة، وليت سوءهم على أنفسهم أو خاص بالمنافسة، لكنه كما أشار المعلم الفاضل أنه انتقل إلى الأجيال الشابة التي باتت ترى في الكرة شأناً مسيطراً عليها، يستقون معلوماتهم من أولئك الفارغين في القنوات والتواصل، يتلقون منهم الكذب الفاضح والسقوط الممجوج، حتى أن من بينهم من بلغ كذبهم أن الآخرين من الخليجيين والعرب باتوا يجدون فيه الرجل الأحمق الذي يضحكهم بسوء كلامه ومنطقه بين الفينة والأخرى.
في الختام لا ننكر الحماس والولاء للنادي المفضل، لكن حق لنا أن نسأل، هل أصبح النقد الكروي كالعار على الإعلام السعودي، لسوئه على الأجيال الجديدة؟ وهل التعصب الكروي أصبح يهدد سلامة الرياضة ومستقبلها وكيفية التعامل معها، فالأمر لم يعد جدلياً باهتاً، بل مصيرياً مفشّلاً، لأن كثيراً ممن ينتمون للحوار الرياضي قد جلبوا ليقوموا بدور الأراجوز الذي يثير الضحك عليه من فرط غبائه وهزله، ومع ذلك يظل لهم تأثيراً في فكر الأجيال.




http://www.alriyadh.com/1934490]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]