إذْ لم تَبدُ تحضيرات الحرب المحتملة الروسية - الأوكرانية أمراً جيداً بالنسبة لقطاعات واسعة من شعبي الدولتين، حيث برزت مظاهر شعبية وحزبية واسعة تندد بالحرب، ولم تلبث أن تحوّلت إلى عريضة واسعة، وإن ظلت محدودة في تأثيرها، إلاّ أنها تعكس جانباً من المزاج العام الداعي إلى وقف استعدادات الحرب، واتخاذ مسار الحوار فقط لتسوية المشكلات الناشئة.
في الوقت ذاته تقريباً، هناك تأثير كبير ودور مهم للماكينة الإعلامية الغربية الضخمة وبعض مسؤوليها في تأجيج المشاعر، وإشغال العالم بتحضيرات الحرب، وتحديد ساعة الصفر، وإبراز كلّ السيناريوهات الممكنة.
وعلى الرغم من أن تفضيلات روسيا ورسائلها تبدو واضحة، وهي أن يطرح الغرب حلاً وسطاً يقوم على رفض انضمام أوكرانيا إلى حلف الأطلسي، مع إعلان كييف التزامها مبدأ الحياد، وفقاً لنموذج فنلندا في الحرب الباردة، إلاّ أن أوكرانيا والغرب يرون رسائل الضمانات التي تطالب بها روسيا تعجيزية، وغير قابلة للتنفيذ.
ولا شك أن هذه التفضيلات تواجه صعوبات جدّية؛ لأن حياد أوكرانيا سيفسَّر - غربياً - على أنه تراجع لهم أمام ضغوط روسيا، ويرافقه تغيير حلف الأطلسي استراتيجية الأبواب المفتوحة، وهو أمر لا يمكن تحقيقه، لأن الوضع ليس مرتبطاً بأوكرانيا فقط، بل ينسحب على دول أخرى، مثل مولدافيا وجورجيا وجمهوريات آسيا الوسطى، والتي ترفض روسيا انضمامها إلى حلف الأطلسي، ما سيعني ذلك تقويض أهم مبادئه، وانتصار روسيا في معركتها الراهنة، وفرض وجهة نظرها، وتكوين نظام عالمي جديد تكون فيه محاطة بدول حليفة أو محايدة.
عموماً، الخلاف الغربي - الروسي لا ينحصر في الحدث الأوكراني الراهن، بل بدأ منذ إلحاق القرم بروسيا، وتمدد الحلف شرقاً عبر نشر بناه التحتية في أوروبا الشرقية، والذي رأته روسيا عدم احترام الحلف لمتطلباتها الأمنية في محيطها، خصوصاً أنها خسرت على الصعيد الإقليمي في عهد الرئيس بوتين 11 بلداً جديداً انضم إلى الحلف الأطلسي.
ومن هنا يمكننا ملاحظة صعوبة الخيارات الروسية، والتي تجعل موسكو غير قادرة على التراجع عن مطالبها الأمنية، وفي المقابل استخدامها لغة الإنذارات في مخاطبة الأوكرانيين تعكس سوء تقدير للموقف، لا سيما لجهة حسابات الحلفاء والخصوم.




http://www.alriyadh.com/1935774]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]