الاهتمام بسمعة المملكة في المجتمع الدولي والحرص على ظهورها بأفضل صورة، ليس لهما علاقة بعقدة نقص، أو محاولة استنطاق الآخر بشكل إيجابي عن بلادنا، أو الشعور بالرضا لأن شخصاً ما امتدحنا. القضية أعمق من ذلك بكثير، إذ يترتب على سمعة البلدان، إيجاباً وسلباً، أثر كبير؛ اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً؛ تدفق السياح، والمستثمرين، وثقل القرار السياسي، والتأثير في المجتمعات، مرتبطة بطريقة أو بأخرى بسمعة البلد، وتتعاظم المكاسب بشكل طردي مع بريق الصورة الذهنية ونصاعتها.
المملكة عانت على مدى عقود من الإجحاف والظلم في التناول الإعلامي الدولي، وانعكس هذا التناول على نظرة العالم لنا. وأعتقد أنه آن الأوان أن نعمل بشكل مكثف على نقل الصورة الحقيقية للمملكة لدى المجتمع الدولي، فالحقيقة أجمل بكثير مما يتخيله العالم عنا.
أحد أكثر الملفات التي يتم تداولها وتُستهدف المملكة من خلالها هو ملف المرأة وحقوقها. في المخيلة العالمية الكثير من الصور البشعة والصادمة عن المرأة في المملكة، سرد لا يتخيله عقل ولا أعلم كيف تكوّن لديهم، سألتني سيدة أجنبية في إحدى الدول: لماذا تقطعون أنف المرأة عندما تهرب من بيت زوجها؟ هذه إحدى الصور المتطرفة التي يروننا من خلالها، أما التصور الأكثر شيوعاً، فهو أن المرأة السعودية لا يحق لها العمل ولا التعليم ولا السفر ولا ممارسة أي شكل من أشكال الحياة الطبيعية، الصورة المتخيلة للمرأة السعودية هي خليط من كل الغرائبيات التي ينقلها الإعلام، والأفلام والكتب، كل شيء إلا الواقع.
المرأة في المملكة تتمتع بحقوق قد لا تتوفر للنساء في مجتمعات الدول الغربية المتقدمة، هذا ليس كلاماً عاطفياً للاستهلاك الإعلامي، بل هو واقع تدعمه الأدلة. جميع الوظائف مفتوحة أمام المرأة السعودية، الابتعاث، السفر، فرص العلاج وغيرها هي حقوق أصيلة تتمتع بها بنفس القدر المتاح للرجل. الدول التي تكيل النقد للمملكة قد لا تتيح مثل هذه الفرص للمرأة، الولايات المتحدة مثلاً لا تمنح إجازة أمومة مدفوعة للأمهات بعد ولادتهن، بينما تتمتع المرأة السعودية بإجازة تمتد لأربعة أشهر بأجر كامل، كذلك المساواة في الأجور، شبكة CNBC نشرت قبل ثلاثة أسابيع تقريراً أكدت فيه أن المرأة الأمريكية تتقاضى أجراً يقل عن الرجل بـ20 %، المقارنات كثيرة لا مجال لحصرها هنا، لكن الحقائق جميعها تؤكد أن المملكة هي دولة طبيعية تقدم كافة الحقوق المستحقة لنسائها وليست دولة ذكورية تهان فيها المرأة وتضطهد كما هي الصورة النمطية التي تتردد في المجتمع الدولي.
في المقال المقبل، سأتحدث عن طرق تغيير هذه الصورة النمطية، ليس بأساليب تقليدية، وإنما على أيدي النساء السعوديات أنفسهن.




http://www.alriyadh.com/1956201]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]