هناك دائماً أسباب ومبرّرات لكل الحروب التي خاضتها أو أشعلتها الدول الغربية. وعندما يكشف التاريخ أوراقه نجد أن بعض الأحداث التي برّرت بعض الحروب إمّا بُولغ فيها عن عمد، أو هي كذب صراح أتقنت الدعاية الرسميّة تزويره وتسويقه. تقول الرواية الغربيّة المبسّطة إن الحرب الغربيّة (العالميّة) الأولى اشتعلت بسبب اغتيال وريث العرش النمساوي المجري الأرشيدوق "فرانز فرديناند" وزوجته في 28 يونيو 1914.
الحقيقة أن اغتيال ولي عهد النمسا كان عود الثقاب لإشعال وضع بات مهيأ لمثل تلك الحرب الهائلة. إذ تعود بعض جذور الحرب لتاريخ عميق من الصراع بين قوى أوروبا القديمة آنذاك وما بينها من مزيج جشع وتحالفات استعماريّة سريّة بهدف تقاسم النفوذ والتوسّع. إذ بعد حوالي شهر من اغتيال "الأرشيدوق" أعلنت النمسا والمجر (بتشجيع من ألمانيا) الحرب على صربيا. وكان أن قامت روسيا بإعلان دعمها لصربيا، فقررت فرنسا دخول الصراع. على إثر ذلك أعلنت ألمانيا الحرب على روسيا وفرنسا، فأعلنت بريطانيا دخول الحرب خشية الهيمنة الألمانيّة على أوروبا. ثم بدأت التحالفات تتشكّل وكان مقدّراً أن تنتهي الحرب في بضعة أشهر فاستمرت قرابة خمس سنوات مخلّفة أكثر من 16 مليون قتيل. والطريف العجيب أن القوى المنتصرة أعلنت إيقاف الحرب في الساعة 11:00 صباح يوم 11/11/ 1918.
أما الحرب الغربيّة (العالميّة) الثانية فالمشهور من أسبابها هو ردّ فعل بريطانيا وفرنسا حيال غزو هتلر لبولندا في سبتمبر 1939. ولكن جذور الصراع بدأت عام 1919، حين اجتمع مندوبو أكثر من 20 دولة (بقيادة الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا) لصياغة "معاهدة فرساي" التي فرضت شروطاً "عقابيّة مهينة" على ألمانيا. هذا الوضع ولّد لدى الألمان شعوراً بالمذلّة والرغبة في الانتقام ما جعلهم يلتفّون حول النازي "هتلر" الصاعد بوعود انتعاش "الأمة" الألمانيّة واقتصادها، ليؤسّس بحلول عام 1939 جيشاً ضخماً يتحدّى به أعتى خصومه. وفي ذلك العام ارتكب رئيس الوزراء البريطاني تشامبرلين في مؤتمر ميونيخ غلطة القرن حين حاول استرضاء جموح "هتلر" بالموافقة على إلحاق جزء من تشيكوسلوفاكيا إلى ألمانيا. وحصلت الحرب وأسقط الأميركيون القنابل النوويّة على اليابان وانتهت بعد خمس سنوات وقرابة 60 مليون إنسان ضحايا وقرابين للتهوّر والجشع والطموح.
واليوم تتردّد صيحات "الحرب الغربيّة (العالميّة) الثالثة" ومعظم دول الغرب ومن تصارعهم يمتلكون أسلحة الموت التي لم يرها بشر. وكذا مكائن الادعاءات والدعاية باتت في أوجّ اكتمالها خداعاً في الشكل والمضمون في عصر الاتصال والمعلومات. هي معادلة اكتملت أركانها البشعة فهنا تسلّح محموم، وسياسيّون بلا أخلاق، واقتصادات تترنّح، ومغامرون يريدون إعادة رسم الخرائط.
قال ومضى:
الحرب أولها كلام.. فمن يُحاسب أو يُلام؟




http://www.alriyadh.com/1958609]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]