تعرضت الأتعاب الاستشارية للعديد من الاجتهادات والمحاولات في التحليل والتقدير وذلك بسبب تقويم طبيعة المشروعات وتعدد جوانبها البيئية والهندسية والاقتصادية والاجتماعية وتكاملها، فلم تعد المشروعات تتم في إطار محدد الأبعاد يمكن حساب المجهود الذي يبذل في دراستها بسهولة ويسر. خاصة المشروعات الهندسية الكبرى التي تحتاج لتصميمها ومعرفة إدارتها إنتاجا فكريا عاليا وخارقا لضمان نجاحها والتقليل من تكاليف إنشائها ومن ثم صيانتها مستقبلاً، لذا استمر التعامل مع الأتعاب الاستشارية بالأسلوب الاجتهادي أو من خلال المسابقات أو المناقصات وغيرها من الوسائل التي لا تستند على نظام محكم وعادل لتقدير الأتعاب الاستشارية للمشروعات المختلفة حتى اضطررنا في نظام المنافسات والمشتريات الحكومية إلى المساواة بين شراء المعدات والأدوات وتقديم الاستشارات كما ساوى بين الإنتاج الفكري والإنتاج العيني والإنتاج الفني والإنتاج الحرفي.
واستمر الحال كما هو بالرغم من الاعتراضات التي صدرت من المهندسين بغياب تام من هيئة المهندسين التي ترعاهم لضياع نتاجهم الفكري بهذا الشأن خاصة بالنسبة للأعمال التي تسند إلى المكاتب الاستشارية بكل تخصصاتها المحددة أو المتكاملة هذا في الوقت الذي ظهر فيه العديد من جوانب النقص في تنظيم المهنة في الأعمال الاستشارية، إذ لا توجد معايير أو محددات لتصنيف المكاتب الاستشارية سواء بالنسبة لأعداد العاملين فيها أو بالمساحات الفراغية بهم أو التجهيزات المساعدة لهم، أو بالنسبة لنوعيات الأعمال وأحجام المشروعات التي تولتها، أو بالنسبة لاعتراف المنظمات الدولية بها، وهذه جميعها عناصر مهمة في تقييم المكاتب الاستشارية، والنشر عنها في السوق الاستشارية عندنا وفي السوق الإقليمية والعالمية.
حقيقة وليس بالبعيد لقد تركت المكاتب الاستشارية الأجنبية في نهاية السبعينات وحتى الآن بصماتها على نظام التعاقدات الاستشارية، وعرف مفهوم نطاق العمل والشروط المرجعية كما عرف مفهوم تحديد الأتعاب من خلال تكاليف (الشخص / شهر) والتجهيزات والمصروفات الإدارية المحلية في حساب الأتعاب الاستشارية، وإن كانت الإدارات الحكومية لم تطور من نفسها في هذا المجال واعتمدت في العديد من الحالات على ما تركته لهم المكاتب الأجنبية من مفردات وتعبيرات تطبقها في جميع الحالات بالرغم من اختلاف طبيعة العمل في كل مشروع.
وفى جميع الحالات لا بد من تحديد الأتعاب الاستشارية على أساس حجم وقيمة الإنتاج الفني أو الفكري والتنفيذي معا، لأن التحول الاقتصادي الذي تتبلور ملامحه في رؤية المملكة 2030م في الوقت الحاضر يدعو إلى ضرورة مراجعة الأتعاب الاستشارية دعما للاقتصاد وارتقاء بمستوى المهنة وتوفيرا لفرص أكثر للخبراء والاستشاريين والعمالة الفنية والمهنية.. ودمتم بود.




http://www.alriyadh.com/1958684]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]