يقول مجموعة من الباحثين عن عمل إنه إذا سلمنا من شرط "الخبرة"، وقعنا في فخ "اللغة"، وإذا تجاوزنا الشرطين، فلا بد لأحد منا أن يعلق في متطلب "العمر" !
وإذا وضعنا الخبرة واللغة جانبا، فهناك منع صريح للتفرقة على أساس العمر، ومع ذلك نرى إعلانات توظيف يتم تداولها في وسائل التواصل الاجتماعي، بجانب ممارسات أخرى تتبعها بعض المؤسسات لاستبعاد فئات عمرية من التدريب والتطوير والفرص الأخرى.
لقد نص نظام العمل (المادة الثالثة) على أن "العمل حق للمواطن، لا يجوز لغيره ممارسته إلا بعد توافر الشروط المنصوص عليها في هذا النظام، والمواطنون متساوون في حق العمل دون أي تمييز على أساس الجنس أو الإعاقة أو السن أو أي شكل من أشكال التمييز الأخرى، سواء أثناء أداء العمل أو عند التوظيف أو الإعلان عنه".
من جانب آخر، تشير إحصاءات سوق العمل للربع الأول من عام 2022 -وفق ما نشرته الهيئة العامة للإحصاء- إلى أن نسبة المتعطلين السعوديين من الفئة العمرية (25-34) هي الأعلى، حيث تبلغ نسبتهم 54.6 % (الأغلبية إناث)، مع العلم أن الهيئة حددت الفئة العمرية للشباب (15-24)، ووزعت الأفراد في سن العمل الأساسي (25-54) على ثلاث فئات عمرية.
المؤسسات التي تمارس "التمييز العمري" تخالف النظام، وترسل رسالة سلبية إلى "الطاقات الشابة" بأنكم وصلتم إلى مرحلة "العنوسة الوظيفية"، مما يزيد من إحباطهم، ويزعزع ثقتهم بأنفسهم، فيذبلون وتخبو حماستهم عند التقديم وحضور المقابلات، لأنهم يدركون سلفا أنهم مستبعدون!
ولنا أن ندرك أن نسبة المتعطلين خلال الربع الأول من هذا العام ممن يعانون من البطالة مدة 12 شهرا فأكثر تبلغ 62.8 % (الأغلبية إناث)، فيما تبلغ نسبة المتعطلين على مدى 12 شهرا فأقل نسبة 33.4 % (الأغلبية ذكور).
إذا كان أحدكم يريد أن يتصور أشكال "التمييز العمري" بشكل أوضح، فأنصحه بمشاهدة فيلم "المتدرب" (The Intern) للممثل القدير "روبرت دي نيرو"، حيث يجسد شخصية "بين" (المتدرب المسن) الذي تتاح له فرصة التدريب لدى شركة ناشئة من باب المسؤولية الاجتماعية.
عندما حضر "بين" إلى الشركة، عرف بنفسه، موضحا أن لديه مقابلة مع السيدة "جولس أوستن" الرئيس التنفيذي للشركة، قالت السكرتيرة، وهي تتحقق من الجدول أنها تنتظر "المتدرب الجديد" (كانت تتوقع متدربا شابا!). فقال لها: "أنا المتدرب الجديد!". سألته السكرتيرة باندهاش: "كم عمرك؟"، فرد عليها: "عمري 70 عاما، وأنتِ؟". قالت: "عمري 24 عاما، أعلم أني أبدو أكبر من ذلك، فالوظيفة تكبرك بالعمر، وهو أمر ليس جيدا في وضعك (قالتها دون وعي ثم شعرت إنها جرحته فاعتذرت)!
العمر لم يكن عائقا أمام "بين"، فهو كان أكثر حماسا والتزاما من معظم زملائه "الفتيان"، واستغل طاقته الإيجابية ليس في التأثير على سير العمل في الشركة فحسب، وإنما حتى في إعادة التوازن لحياة رئيسة الشركة!




http://www.alriyadh.com/1965506]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]