كنت طفلة حين لاحظ أبي غرامي بالتصوير واشترى لي كاميرا، في تلك الأيام كان التصوير مكلفاً، حيث تشتري الفيلم، وحين تنتهي من عدد اللقطات الموجودة تخرج الفيلم كي يتم تحميضه بالمبلغ الفلاني، على الرغم من ذلك، لم أكن أكتفي بتصوير الناس، كنت أصور المناظر الجميلة التي أراها وأشعر أنني أحب أن أقبض عليها وأحتفظ بها كصورة. لا يزال لدي هذا الشغف، لكن المصور الفنان الذي لا يزال مهتماً بهذه المسألة فنياً وتقنياً هو أخي عبدالمجيد الذي اشتهر بالتصوير تحت الماء.
السؤال هل التصوير فن ليس سؤالًا عجيباً، أو تهكميًا، السؤال طرح قديماً ولا يزال يتم طرحه بين الحين والآخر. التصوير فن بالتأكيد، إذا لم تقنعك كل الصور الجميلة التي تجعلك تلتفت رغماً عنك، فربما تقنعك الأرقام الكبيرة التي تشترى بها الأعمال الفوتوغرافية في المزادات العالمية، أو المتاحف والمعارض التي يتم فيها عرض هذه الأعمال.
في الفن التشكيلي يهتم الفنان باللون، الضوء، الموضوع والتكوين، وهي نفس الأمور التي يهتم بها المصور، ولأن التصوير أتى بعد الفن التشكيلي فإن الكثير من الموضوعات التي تناولها الفن التشكيلي يقوم التصوير بتناولها، هذا التفاعل بين الصورة والفن التشكيلي مسألة بديعة ومثيرة للاهتمام.
أتذكر أنني حضرت معرضاً كان يعرض صوراً لأعمال منحوتة، ولأن المنحوتات كانت صغيرة الحجم فقد ظننت للوهلة الأولى أن الصور هي العمل الفني، وكان رأيي الذي لم أستطع إعلانه للفنانة أن الصور كانت أشد إبهاراً، وكانت بالنسبة لي هي العمل الفني الحقيقي في ذلك المعرض.
أحب الصور، أغرق في تفاصيلها، ومازلت أشعر بالحزن على صور أخبرتني صديقتي أنها كانت لوالدتها التي جابت العالم وهي بطلة في التزلج الإيقاعي وأنها رمتها لأنها كانت بكميات كبيرة والبيت لم يعد يتسع.
التصوير ليس فقط للقبض على الزمن، وتذكر الماضي، هو فن لأنك وأنت تشاهد اللقطة المصورة، تثير فيك المشاعر، أي عمل يصنعه الإنسان يثير المشاعر هو فن، هذا باختصار تعريفي للفن، لذلك حين تشاهد صورة، لا علاقة لك بها، وبالرغم من ذلك، تثير فيك مشاعر مختلفة، فذلك هو الفن.
الآن وأنت تحمل كاميرتك، جوالك، تذكر أنك تحمل أداة فنية، وإذا أردت أن تلتقط صورة، تذكر أن تفكر فيها كعمل فني، ربما لن يراه أحد غيرك، لكنه سيخلق داخلك شعوراً بالبهجة، لأن أي منتج فني يبهج صاحبه. ركز قليلاً، اهتم قليلاً بالتكوين. ابتسم بعد أن تلتقطها لأنك قمت بعمل فني.




http://www.alriyadh.com/1967113]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]