قبل بداية البث الفضائي التلفزيوني كان الكثير ممن يرون أنفسهم من قراء المستقبل يعتبرون أننا مقبلون على غزو فضائي وركزوا على موضوع أن هذا الغزو عنوانه (الإباحية الجنسية)، قبل تقريبا أربعة عقود كان هذا الحديث، محدودية الثقافة وسياسة الترهيب الصحوي أفرزت مفهوم الغزو الإعلامي الفضائي بالجنس فقط، بعض الكتب وممن تسيد المحاضرات وصل به الأمر أن أعداءنا سيصلون مرحلة من غزوهم لنا بأننا سنفتح التلفزيون وسنجد الأفلام الجنسية بالقوة تدخل بيوتنا وتخرب عوائلنا.
كان نجوم محاضري ومتسيدي المنابر ينظرون ويبتدعون القصص الخرافية أحيانا من أجل تكريس شعبيتهم وبسط نفوذهم، واستغلالهم المجتمع المندفع لهم بصورة أحيانا تتم بسذاجة، كانوا يتصدرون المجالس ومن الصعوبة نفي أي أمر يخص حتى لو كانوا يكذبون، أحدهم وهو من النجوم الأبرز وما زال للأسف، تحدث مع مخرجة سينمائية سعودية ببرنامج كانت تجهزه، حول المرأة، وبعد تغطيتنا بالجريدة للحدث كما هو، وبعد غضب من حوله، فجأة نفى أحاديثه وردد أنه كان له رأي وتغير، وتجميع رأيه الأول مع الأخير المتغير تماما، هو خدعة إعلامية من المخرجة.
ما دعاني للحديث عن شبح الغزو الإعلامي الذي عشناه السنوات الماضية، هو ما نشهده حاليا من غزو متكامل من وسائل التواصل الاجتماعي التي لا حدود لها، وليست فقط كما صورها نجوم الصحوة جنس فقط، هي غزو ثقافي اجتماعي اقتصادي، وهي طبيعية وليست محددة بمجتمعنا وإنما على العالم كله، وليست المجتمعات التي تم إيهام الجميع أن لها خصوصية!!
الأمر ليس مجرد التفكير بالجنس والإباحية التي عشنا في قلق منها ومن غزوها لبيوتنا ودون استئذان، كان تصوير الأمر بصراحة ساذج ونطاق التفكير في طريقته ممنوعة، كان الهدف محاربة البث الفضائي، وتخيلوا وصل الأمر من السذاجة فعلا أن يتم تصيد الصحون الخاصة بالتقاط البث الفضائي ببنادق "الساكتون" المخصصة لصيد الطيور الصديقة، حتى الشارع الأشهر بمدينة الرياض الذي تنتشر به محلات بيع لوازم البث الفضائي تمت تسميته شارع "إبليس"!
غزو وسائل التواصل الاجتماعي يحتاج لتعامل ثقافي معه، هو تعامل تعليمي إعلامي، لن يستطيع كائن من كان أن يمنع طفل او مراهق او رجل عاقل من مشاهدة ما يريده واحيانا يصله، من مشاهد غير صالحة للمشاهدة، بعضها غير أخلاقي وبعضا مناظر مرعبة وبعضها خارجة اطار الذوق العام، الحجب غير مجدي، والمراقبة اللصيقة غير مجدية أحيانا، نحتاج لتوعية ثقافية إعلامية، نعم توعية، الامر ليس وصاية ولكن معرفة ان ما يحدث نتائجه المستقبلية خصوصا اجتماعيا غير جيدة، فكما لدينا توعية مكثفة في مجال سرقات الحسابات البنكية، نحتاج بالفعل لتوعية لخطر سرقة العقول وتدمير الأفكار وإيقاف اللامبالاة في تدفق المشاهد المصورة التي فيها كمية عنف وتسيب أخلاقي وقلة ذوق في أحيان كثيرة، ظلمنا بالجهل التلفزيون واعتبرناه الشر الكبير وتناسينا ما يحدث لنا حاليا.




http://www.alriyadh.com/1967651]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]