العالم بحاجة إلى اجتماعات دولية إنسانية يكون حق "الفيتو" فيها لصالح الدول المتقدمة إنسانياً وأخلاقياً وليس عسكرياً، العالم بحاجة إلى الخروج من وسائل التواصل الحديثة ليأخذ فترة استراحة وتأمل..
يتساءل المتابع لأحداث العالم اليومية، ما إذا كان التوتر فقرة يومية ليس في العلاقات الدولية فقط وإنما في العلاقات الاجتماعية والتعاملات التجارية؟، هل أصبح التوتر ظاهرة نشاهدها على أرض الواقع أم هي موجودة في العالم الافتراضي ؟، توترات سياسية وأزمات اقتصادية وهجمة مخدرات وفوضى أخلاقية تنعكس على حياة الناس اليومية وسلوكهم وعلاقاتهم الأسرية والاجتماعية ومسيرتهم المهنية.
الحديث عن أنسنة المدن يجب أن يكون عن أنسنة الإنسان وأن يكون التسامح في قمة الأولويات، الأخبار القادمة من كل مكان في العالم أخبار صادمة ومؤشرات على عالم متوتر يعاني من عدم الثقة والقلق السياسي والاقتصادي الذي ينعكس على حياة الأفراد وسلوكهم وأخلاقياتهم، عالم متحضر غير قادر على كبح العنصرية والتطرف الفكري وفوضى حمل السلاح، عالم متحضر يروج للممارسات الشاذة، يتسامح مع إهانة الأديان وترويج الممارسات الشاذة تحت شعار حرية التعبير وحقوق الإنسان.
صراعات دولية ضحيتها الأبرياء الذين ينشدون السلام أو ينتظرون لقمة العيش، جرائم قتل في الشوارع والمدارس والأسواق بسلاح يشتريه مراهق مدمن مخدرات من دكان مجاور لمنزله، الشاب يقتل حبيبته أو من يتوهم أنها حبيبته، الزوج يقتل زوجته لأسباب مادية، شباب وأطفال ينتحرون، عنف وشتائم وتنمر وعنصرية تسيطر على وسائل (التباعد الاجتماعي) سرقات وخطف وقتل أمام المارة في عدد من مدن العالم، إنسان يبحث عن فرصة غضب، لا يثق بأحد لا يصدق الأخبار ويعيش حياته يطارد الأخبار ليمارس القلق!
في زمن المتنبي قال ذلك الشاعر المبدع:
أرق على أرق ومثلي يأرق وجوى يزيد وعبرة تترقرق
أما إنسان هذا العصر فيقول: (قلق على قلق)، وما أكثر مصادر القلق في هذا الزمن، صراعات سياسية وحزبية تزعم أنها من أجل الإنسان وهي مصدر قلق الإنسان وسبب تعاسته، وزيرة الخارجية البريطانية المرشحة لمنصب رئيس الوزراء تقول في رد على سؤال صحفي أثناء حملتها الانتخابية أنها على استعداد لاستخدام السلاح النووي في حال تعرض بريطانيا للخطر، تصريح يعبر عن القلق، كل قلق العالم تتعامل معه الأمم غير المتحدة بالتعبير عن القلق.
العالم يتقدم علميا، حقق قفزة في مجال العلوم والتقنية وحقق تراجعا أخلاقيا وتربويا وإنسانيا، لا بد من العودة للمدارس ليس لمزيد من العلم وإنما لمزيد من التربية، القيم الأخلاقية ليست نصائح وكتب ونظريات ثم اختبارات ودرجات تقرر النجاح أو الفشل، هي ثقافة ومبادئ وممارسات، القيم الجميلة هي التي تستحق التصدير إلى خارج الحدود وكل القيم الجميلة لها علاقة بحقوق الإنسان لكن بعض الدول التي تزعم أنها تدافع عن حقوق الإنسان هي تلك الدول المصابة بمرض الغرور والأنانية وتصدير قيمها الخاصة المتعارضة مع حقوق الإنسان إلى خارج حدودها، من حق الإنسان ومن احتياجاته الأساسية أن يعيش بأمان لكن الدول والمنظمات والمليشيات الإرهابية تسرح وتمرح أمام أنظار العالم، يقتل زعيم إرهابي ويأتي بعده آخر، الفكر الإرهابي هو الخطر.
العالم بحاجة إلى اجتماعات دولية إنسانية يكون حق الفيتو فيها لصالح الدول المتقدمة إنسانيا وأخلاقيا وليس عسكريا.
العالم بحاجة إلى الخروج من وسائل التواصل الحديثة ليأخذ فترة استراحة وتأمل، من العالم الافتراضي إلى عالم الواقع، من حالة الكراهية إلى التسامح، من الشك إلى الثقة، من العنصرية إلى المساواة والعدالة، من الخوف إلى الأمن، من القلق إلى الطمأنينة، من الحروب إلى السلام.
من أسئلة المقال: كيف تتحول القيم الجميلة التي يدرسها الإنسان في المدارس والجامعات إلى ممارسات؟، وهل سينعكس السلام الدولي على حياة الأفراد وأخلاقياتهم؟، وكيف لدول تزعم أنها نصيرة الحرية أن تزعم أن أساليبها في الحكم هي الأساليب المثالية التي يجب فرضها على الجميع؟!




http://www.alriyadh.com/1971044]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]