يبقى التطرّف آفة خطيرة لا أمان لها، ولا لنتائجها وخطرها الداهم على المجتمعات باعتبارها مُهدِّداً حقيقياً لأفكارها وقيمها وثقافتها وأنساقها القيمية.
وبأيِّ حالٍ من الأحوال يظلّ التحذير منه راهنيّاً ومهماً؛ إذ لا يمكن الوثوق بالفكر الراديكالي المتطرف، ولا يمكن إيلاء الثقة لأصحاب التنظيمات الماكرة المُخادعة؛ والتي تستغلّ أصحاب الفكر السطحي الهش؛ وتنطلق في استراتيجياتها الشريرة عبر استغلال هذا الفكر الضحل الذي يدفعه حماسه ورؤاه التبسيطية الساذجة أن يتلقّف أي فكرة أو سلوك مرضي متطرف؛ ويكون فريسة سهلة يمكن تشكيلها وفق أهداف معينة لا تخرج عن السلوك العنفي والدموي الذي يشكل خطراً حقيقياً على المجتمع وأمنه وسلمه.
فحواضن هذا الفكر المتطرّف الدوغمائي يبثّ سمومه وأفكاره للبسطاء والسُّذّج بعد أن يقوم باستمالتهم عاطفيّاً؛ ويحرص في كلّ أهدافه واستراتيجياته أن يمرّر الفكر الخبيث المتضاد مع السلام والاعتدال والتعايش.
ولأهمية التحذير منه ولأنه - التطرف - خطر مستمر وراهني يهدّد العالم بأسره؛ فلا غرو أن تتنادى المنظمات والمؤسسات والمجاميع الفكرية بالتحذير منه والتوعية بخطره، فبالأمس شهدنا دعوة مجمع الفقه الإسلامي الدولي إلى ضرورة الالتزام بالدين كعامل تهذيب وتنوير يهدي الإنسانية إلى القيم النبيلة والمبادئ السامية المشتركة من محبّة، وأخوة، على اعتبار أن استقرار العالم لن يكون إلا بتحقيق تلك القيم والمبادئ، وشدد المجمع على أهمية تحويل مبدأ التسامح والتعايش إلى سلوك عملي، وممارسة يومية مستمرة.
وشدد الأمين العام للمجمع، خلال افتتاح أعمال الملتقى التاسع لمنتدى أبوظبي للسلم، الذي ينعقد هذا العام تحت عنوان: «عولمة الحرب وعالمية السلام.. المقتضيات والشراكات»، على أهمية مراجعة المناهج الدراسية لتصبح مناهج تنشر قيم المحبة، والإخاء، والتسامح والوئام والسلام، وبناء الجسور، وتجاوز ترسبات التاريخ من أجل وضع حد للتناحر والتقاتل، كما أنه طالب القيادات الدينية بتعزيز وعي العامة والأتباع بأن الاختلاف بين البشر في أديانهم ومعتقداتهم يُعد سنّة كونية لا يمكن إزالتها لقوله تعالى: (وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ).
وحسناً فعل هذا المجمع في لقائه حين أشار إلى أن هذه النصوص تعني أن التعددية والتنوع الديني والعرقي والثقافي إرادة إلهية لا يمكن تجاهلها ولا إزالتها من الوجود، ولا بد من التعاون والتنسيق والتواصل بين القيادات الدينية لتعزيز هذا الفهم، وترسيخه في الأذهان والتصرفات، إنها دعوة مهمة حريّ بالعالم بأسره إلى تمثّلها وترسّم خطها والتبصرة بكل ما يهدد أمن مجتمعاتنا وسلمها.




http://www.alriyadh.com/1981812]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]