بخلاف كل ما مر به النظام الإيراني من ثورات أو احتجاجات سابقة، محدودة كانت أم واسعة النطاق، فإن الانتفاضة الحالية تتسم بطبيعة خاصة وقوة نسبية تجعلها أكثر تأثيراً على مستقبل إيران على هذا النحو أو ذاك، فالاحتجاجات الحالية، تتميز بشموليتها بعكس الاحتجاجات السابقة التي طغت عليها الفئوية إلى حد ما لذا كانت قدرة النظام على احتوائها بالقوة الجبرية أو بالمناورات الحكومية، أو بكليهما فعالة، فانتفاضة الغضب المستمرة فصولها إلى الآن اكتسبت زخماً عبر مشاركة واسعة لنخب المجتمع والمشاهير، ما يعكس شيئاً مهماً وهو سقوط حاجز الخوف لدى الشعب الإيراني، وهذا تطور لا يمكن تجاهله، فقد تغذى النظام القمعي في إيران على حالة الخوف من القبضة العنيفة لأجهزته الأمنية لإبقاء حكمه قائماً، لكن هذه المرة تبدو حالة الشعب الإيراني أقرب من أي مرة إلى العصيان المدني أكثر فأكثر، ومع مرور الوقت تزداد شجاعة وإقدام الإيرانيين على مجابهة النظام القمعي علناً، ولعل آخر أوجه هذه الشجاعة، امتناع لاعبي المنتخب الإيراني عن ترديد النشيد الوطني لبلادهم خلال مشاركتهم في كأس العالم لكرة القدم المقام في قطر، فضلاً عن تأييد نخب ثقافية وفنية ورياضية للاحتجاجات، ما ينم عن بلوغ صبر الشعب الإيراني لمنتهاه، وتراجع مشاعر الخوف حيال نظام شرس لا يتحلى بأقل قدر من الرحمة.
لقد انتقل الخوف هذه المرة من المتظاهرين إلى النظام الذي أخفقت كل محاولاته لوأد الغضب الشعبي، وقد اتضحت حالة الهلع في إعلان النظام الاستنفار قبل "يوم الطالب" في 7 ديسمبر، وتلويحه بآلة العنف لمواجهة أي احتجاجات طلابية، الأمر الذي يعكس إدراك النظام أنه قد بات منبوذاً من الغالبية العظمى من الشعب الإيراني، وهذا يكشف مآل هذه السلطة الجائرة، وأنها آيلة للسقوط في أي لحظة، وربما تمنحها قبضة العنف والقمع عمراً قصيراً، لكن ما لا شك فيه أن هذا النظام قد بات مثل مريض يعيش على أجهزة التنفس الصناعي، في انتظار اللحظة الحاسمة.




http://www.alriyadh.com/1985494]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]