تزور المعالج وهي تشتكي من الكوابيس التي لا تفارقها، ومظاهر مختلفة من المخاوف والقلق والاكتئاب، ورغبات ملحة لمحاولة الانتحار وإيذاء النفس، وأصبحت حياتها مليئة بالصراعات وكره كل ما يتعلق بجنس الرجال.. الخ.
اليوم هذه بعض الأعراض التي تخفي خلفها صدمة في الماضي من التحرش الجنسي، وتظهر بأعراض أخرى نتيجة للصمت لما يحدث في المجتمعات التي لا تساعد أفرادها على البوح بما يعانون في صدورهم من آلام وهموم واعتداءات، والتي ترى أن البوح والشكوى في أمور حساسة نوع من العيب ويجب أن تتكتم عليه، ولا أحد يعرف حتى المختص والمربي، وإذا وصلت المعلومة يتم التعامل معها بحماقة وتخرج من سياقاتها إلى أمور الهدف منها أن الحدث أو الفعل يجب ألا يمسهم ويمس سمعتهم، وتبقى الضحية خارج المعادلة أمام صراع المصالح وتعيش حياتها بصدمة الماضي دون حل.
اليوم بعض الناس يعانون من آثار صدمة الماضي التي بدأت بمحاولات التحرش في عمر مبكرة، سواء من شخص قريب أو صديق للأسرة أو من أحد العاملين المنزليين، وأغلب الضحايا اضطروا تحت تهديد المتحرش والخوف من ردة فعل الأهل والمجتمع والمستقبل لتحمل الألم والصدمة طول حياتهم والتكتم عنها، إلا أن الزمن لا يرحم وما تلبث تلك الحادثة مع الزمن أن تتحول إلى أمراض نفسية أو جسدية.
اليوم عندما يكون الشخص الذي يقوم بفرض قوته ويعتدي على خصوصية الجسد كبيراً ومحل ثقة ومألوفاً، فإن الأثر يكون كبيراً مع الوقت ويتعمم على كافة الشخصيات من نفس الجنس والعمر، لأن الطفل الشخصية الأضعف يثق بالكبار ويحصل من خلالهم على الأمان فأهله يعتبرونهم أصدقاء أو مقربين، وما يلبث أن ينصدم بتلك الشخصيات، وما يزيد الطين بلة محتوى التفكير الاجتماعي السلبي عن المرأة، وأنها دائماً المخطئة في أمور العلاقات الإنسانية، فيجعل النساء المتحرش بهن يلقين باللوم على أنفسهن من منطلق تلك التربية الاجتماعية التي كبرن عليها، وقد تعتقد المعتدى عليها أنها الوحيدة التي تعرضت لمثل تلك التصرفات، وأن تصرفاتها أو طريقة لبسها هي ما دفع الأشخاص للتحرش بها، وكأن الفتاة أو الطفلة هي المسؤولة بدون رادع قيمي وأخلاقي لدى المتحرش.
اليوم المهم هنا أن الاعتداءات الجنسية في مراحل معينة ابتداء من الطفولة تشمل الأولاد والبنات، وأغلبها تحدث في البيوت أو أماكن قريبة يعتاد الأطفال للذهاب إليها، وحتى نحد منها ومن الآثار المترتبة عليها فيجب أن يكون هناك نوع من ثقافة الحماية الجنسية، واعتراف وقبول اجتماعي بالمسؤولية وكسر حاجز الصمت بالإسراع في معالجتها في العيادات النفسية بالطرق السلوكية، والمعرفية وأيضا التكاملية لمعالجة الآثار المترتبة على اضطراب ما بعد الصدمة، وإعادة التأهيل النفسي والجسدي للضحية.




http://www.alriyadh.com/1985491]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]