توجد أمثلة تقف فيها اليد الخفية عاجزة عن معالجة المشكلات الاقتصادية في السوق الحرة، ومع وجود خلاف حول سبل معالجة هذه المشكلات سواء بالملكية الفردية أو بغيرها، يظل الجدل موجودا حول الحالات التي ينطبق عليها، من المشكلات الأكثر شهرة في مجال استهلاك الموارد والتنافسية الاستهلاكية هي ما يعرف بـ"مأساة المشترك".
تعبر مأساة المشترك عن مشكلة استهلاك الموارد، المثال الشهير لشرح المشكلة هو الاشتراك في المراعي عندما يكون حق الرعي في مكان ما مشاعا، ورغم أن من مصلحة الجميع الحفاظ على المرعى، إلا أن تصرف الأفراد من منظور مصلحتهم الخاصة يتنافى مع مصلحة الجميع، إذا تصرف الرعاة من منطلق المصلحة الذاتية فإن النتيجة الطبيعية استمرار الاستهلاك حتى نضوب المورد.
تأتي مأساة المشترك في حالة اختلال ميزان العرض والطلب، حيث يستمر الطلب في الزيادة بمقدار يفوق نمو العرض إلى أن ينضب العرض مع الوقت، يأتي اختلال ميزان العرض والطلب نتيجة غياب ما ينمي العرض أو يرعاه مع وجود ما ينمي الطلب من جهة أخرى، في مثال المرعى المشترك، لو وجد من يملك المرعى أو من يتولى رعايته، سيجد حلا للحفاظ عليه إما بتنميته بما يلبي الطلب عليه، أو تنظيم الطلب بما يتناسب مع المورد.
تختص مأساة المشترك بالموارد المعرضة للنفاد مما ينتج عنها منافسة استهلاكية، في مثال المرعى، فإن دورة النمو الطبيعية للمرعى قد تصل إلى عدة أشهر إذا لم تتوفر له رعاية خاصة. نتيجة للعلم بوجود مدة للاستهلاك فمن المتوقع أن يتنافس المستهلكون على الحصول على أكبر قدر من المورد قبل نفاده.
أنصار السوق الحرة يرون أن الملكية الفردية تحل كثيرا من مشكلات مأساة المشترك، في مثال المرعى، لا يوجد دافع لأحد أن يحافظ على المرعى إلا إذا كان يملكه، إذا وجد من يملك المرعى فستكون من مصلحته تنميته للمنفعة التي تعود عليه منها سواء كانت مادية أو معنوية.
إضافة إلى حل الملكية الفردية توجد حلول أخرى، من الحلول إيجاد تنظيم للاستهلاك، بحيث تستبدل الملكية الفردية برعاية من السلطة الحكومية أو المحلية، سيكون على المنظم أن يجد نموذجا لترشيد الاستهلاك وتنمية المورد بما يضمن استمرار الاستفادة منه، قد يكون النموذج معتمدا على توزيع الحصص بناء على ملكية مؤقتة أو إيجاد حلول مشتركة تعاونية بين المستهلكين.
توجد أمثلة أخرى تعجز اليد الخفية أو السوق الحرة عن معالجتها كما في مثال مأساة المشترك، ولعل من أهم أسباب عجز السوق الحرة عن معالجتها هو ارتكازها على مفهوم الملكية الفردية التي تحرك الأفراد للبحث عن مصلحتهم وتدفعهم إلى إيجاد الحلول في سبيل ذلك، المشكلة أن الملكية الفردية ليست ممكنة في كل الحالات، ومهما كانت السوق حرة لا بد من وجود حق عام تصعب إدارته بأدوات السوق.




http://www.alriyadh.com/1985591]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]