أبان صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة -يحفظه الله- في حديث صحفي ألقى فيه سموه الضوء على الكثير من القضايا الشائكة التي تكتنف أسواق الطاقة ومجموعة أوبك بلس وما تمر به في وقتنا الحاضر من أجواء قاتمة ومتغيرات متسارعة على مستوى العالم بأسره تستدعي الحكمة والروية في تناولها والتعامل معها واتخاذ القرارات الصائبة حيالها. ولقد كشف سموه عن دقة وصحة التوقعات التي توصلت إليها مجموعة أوبك بلس في تحليلاتها وتوقعاتها مقارنةً مع عدد من الجهات الأخرى وأن ذلك يُعزى لاعتمادها على أساسيات السوق والنظرة الفاحصة المتأنية لتقييم ومعرفة متطلباتها مع عدم اللجوء لتسييس القرارات والابتعاد عن التفسيرات اللامنطقية واللامعقولة لها. كما ركز سموه على إبقاء التداخلات السياسية خارج التحليلات والتوقعات لحالات وأوضاع السوق قائلا: نحن نركز على أساسيات السوق فقط، وهذا يمكّننا من تقييم الأوضاع بموضوعية أكثر وضوحًا ودقة وتمييزًا، وهذا بدوره يعزز مصداقيتنا ولعل أصدق مثال على ذلك هو أنه في بداية الأزمة الأوكرانية توقع البعض فقدان كميات كبيرة من الإمدادات تفوق ثلاثة ملايين برميل يوميًا، مما أثار المخاوف والشكوك وأسهم في حدوث ارتباكات كبيرة وتقلبات حادة في الأسواق الأمر الذي اتهمت أوبك بلس فيه بعدم التجاوب مع الأزمة في الوقت المناسب ومع هذا فالنقص المتوقع في الإمدادات لم يتحقق. وفي أكتوبر الماضي انتُقد أيضا قرار أوبك بلس الذي اتخذته بخفض الإنتاج بشكل حاد حتى وُصف بأنه "قرار مؤسف محفوف بالمخاطر"، وكانت هناك تلميحات وإيماءات بأن وراء ذلك دوافع وأغراض سياسية وأنه قد يدفع الاقتصاد العالمي إلى الركود وقد يلحق أضرارًا بالدول النامية، ولكن مع تلك الأقوال والتكهنات تبين مرة أخرى أن قرار أوبك بلس هو القرار السليم الصائب الذي يصب في دعم استقرار السوق البترولية وصناعة البترول. وأضاف سموه أن المشكلة تكمن في أن تسييس الإحصاءات والتوقعات واستخدامها للتشكيك في مصداقية أوبك بلس ودورها في استقرار السوق، يؤدي إلى استثارة المستهلكين ويسبب إرباكًا في السوق وربما يقود إلى حدوت تنبؤات وتفسيرات خاطئة تسهم جميعها في اضطرابات لا مبرر لها في أسواق البترول. وأشار سموه إلى أن هناك أيضًا معلومات غير دقيقة أو مبررة موجودة بشكل يكاد يكون ذا صفة دائمة في بعض التوقعات، ففي الوقت الذي حافظت فيه أوبك بلس على الأرقام المتعلقة بالطلب لعام 2021م استمرت بعض الجهات في تقليل تقديرات الطلب السابقة والحالية بشكل كبير مما تمخض عنه اختلافات يشار إليها عادة بـ"لغز البراميل المفقودة"، وفيما بعد اضطرت تلك الجهات إلى تصحيح تلك الاختلافات المتباينة في بداية عام 2022م وذلك برفع تقديرات مستوى الطلب، ولن يكون الأمر مفاجئا إذا عادت قضية "البراميل المفقودة" إلى الظهور والتكرار مرة أخرى في عام 2023م مواكبة لذات النمط المتمثل في التقليل من تقديرات الطلب لعام 2020م. كذلك أشار سموه إلى أنه خلال السنوات الماضية تعرضت أسواق البترول لعدد من الهزات والصدمات الحادة ولولا النهج القائم على المبادرة والاجراءات الاستباقية التي تبنتها أوبك بلس لتسببت تلك الصدمات في خلق فوضى في أسواق البترول مثلما شهدته أسواق الطاقة الأخرى حتى قبل الأزمة الأوكرانية وليس لدى أوبك بلس خيار سوى أن تظل مبادِرة واستباقية إزاء الأوضاع العديدة التي تتسبب في تقلبات السوق وهذه ليست مهمة سهلة خاصة وأن السوق تميل إلى المبالغة في ردة الفعل تجاه الأخبار سلبيًا وإيجابيًا، وقد رأينا كثيرًا من التدخلات التي لا تتصف بالحكمة في أسواق الطاقة، ولكن لا بد لننا أن نكرر هنا أن تقييم أوبك بلس الموضوعي للأسواق ونهجها الاستباقي والتماسك داخل المجموعة يجعلها في موضع أفضل وأقدر على الإسهام في تعزيز استقرار السوق.
واستكمالا لحديثه الصحفي ركز سموه على أن جميع المجالات الاقتصادية بدءًا من الأمور المالية ووصولا إلى التجارة في السلع والمنتجات تعد المصداقية مكونًا رئيسًا وأساسًا داعمًا لبناء وإرساء الثقة إذ هي التي تقود نحو استقرار الأسواق فبدون المصداقية تكون الأسواق أشد تقلبا وتجاذبًا وأقل ثقة وجاذبية لدى جميع المتعاملين فيها وسوق البترول ليست استثناء من ذلك، ونحن في أوبك بلس لن نتردد في التعامل مع أي وضع تشهده السوق لأننا ندرك أنه كلما زادت مصداقيتنا وتعززت موثوقيتنا في كسب اعتراف الآخرين بها كلما أصبحت مهمتنا في تحقيق الاستقرار في الأسواق أكثر سهولة ومرونة وتعاملا، وهذه بلا شك من السمات الأصيلة والخصائص العريقة التي ما فتئت أوبك بلس تسعى لها وتلتزم بها من خلال التحليل المتأني ذي الجودة العالية والمضي قدمًا في التركيز على أساسيات ومتطلبات وأحداث السوق البترولية المتجددة.
الأستاذ في جامعة الملك سعود




http://www.alriyadh.com/1990270]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]