ليس خافياً أن النظام الدولي يمر بمرحلة مخاض طويلة مؤخراً، الأمر الذي استدعى سيلاً من الكتابات والتحليلات عن وجهة هذا التغيير ومآله، وشكل التحول الذي سيمسّ البنى القديمة التي استقر عليها النظام الدولي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وما تلا ذلك من انفراد الولايات المتحدة بقيادة العالم بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وانهيار حلف وارسو.
العالم يتغير، هذه حقيقة لا جدال حولها، لكن عن ماذا سيتمخض هذا التغيير؟ فإن الوقت مبكر للتكهن بشكل النظام الدولي الجديد، ما يمكننا ملاحظته أن القوى الغربية وعلى رأسها أميركا باتت تواجه أزمات كبرى على صعيد الاقتصاد، وعلى صعيد التماسك الداخلي، ومتانة الجبهة الداخلية. وفي الولايات المتحدة يتعمق الانقسام السياسي بشكل مخيف، ويحدث ذلك في لحظة فاصلة من التاريخ، مما يشرع الباب أمام إعادة تشكيل النظام الدولي على أسس جديدة، ورسم خريطة جديدة للقوى ومناطق النفوذ في العالم.
يتزامن هذا التحول مع صعود تأثير المملكة، وفعالية أدوارها القيادية على الساحتين الإقليمية والعالمية، وحجم الثقة بسياستها الرصينة، ومساعيها الصادقة لإحلال السلام والأمن والاستقرار في المنطقة وفي العالم، وانخراطها بأدوار حاسمة في عديد القضايا ذات الصلة بالمنطقة، أو في الملفات العالمية الساخنة من قضايا الطاقة إلى حرب أوكرانيا، فضلاً عن ملفات مكافحة الإرهاب ومسألة الطاقة النظيفة وغيرها من الملفات التي تمثل هواجس المجتمع الدولي.
هذا الانخراط السعودي في مرحلة تشكيل النظام العالمي الجديد، يمثل نبأ ساراً للمنطقة، فهذه المنطقة دفعت على مدار عقود ثمن ترتيبات النظام العالمي الآفل، والتي جاءت على حساب مصالح المنطقة وحقوق شعوبها، ويأتي دخول المملكة على خط تشكيل العالم الجديد ليمثل مصدر ثقة بوجود قيادة تدافع عن مصالح المنطقة، وتسعى لإرساء أسس الأمن والاستقرار فيها بعيداً عن تجاذبات القوى الدولية والأجندات التي لا تتطابق مع أهداف دولها وشعوبها.
المنطقة بهذا المعنى أضحى بمقدروها أن تقود مصيرها وتحمي مصالحها، وهذا لا يحتاج منها إلا توحيد مواقفها، ورصّ صفوفها، للمشاركة بندّية لحظة تشكيل النظام الدولي الجديد.
http://www.alriyadh.com/2006060]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]