كثير من تاريخنا القريب البعيد وأعني به مرحلة ما قبل نشوء هذه الدولة السعودية العظيمة أي قبل أكثر من ثلاثة قرون تقريبا.. كثير من ذلك التاريخ، يقع في منطقة الظلّ ويكتنفه الغموض لأسباب عدّة أهمها غياب التوثيق وتدوين الأحداث حينها بسبب التجهيل المتعمّد الذي عاشته جزيرة العرب في تلك الأزمنة الغابرة، ولا أعرف حقيقة متى سنشرع بالالتفات لمخزوننا التاريخي والجغرافي العظيم على هذه الأرض، في أعمالنا الدرامية أو حتى السينمائية المقبلة، فننبش في أزمنته وشخوصه ونعيده إلى مجرى الأحداث، دراميًا أو سينمائيًا، فالمتتبع للجهود المبذولة على مستوى الأعمال التلفزيونية السابقة ـــ مع الغياب القسري لصناعة السينما لدينا خلال العقود الأربعة الماضية ـــ يجد انحسار تلك الجهود على ما يمكن أن نصفه بالتحولات الفكرية والاقتصادية التي مررنا بها منذ توحيد هذه المملكة العظيمة، على يد الملك عبدالعزيز وانتقالنا من حياة الصحراء الوعرة والمتوحّشة إلى حياة المدينة، وهي بلا شك جهود مقدّرة ومهمة، ومثّلت دائمًا قوة ناعمة غاية في الأهمية في كثير من الأحيان، لكن تلك الحقبة الزمنية التي عاش بها أجداد أجدادنا قبل «نعمة التوحيد» ظلّت في منطقة الظل حتى بتنا نبحث عنها على استحياء في كتب المستشرقين أو كتّاب التاريخ حينها وهم المنتصرون بنا علينا في ذلك الوقت بلا شك!، وبالتالي أخذنا روايتهم عنا دون تمحيص أو تحليل لكثير من الأحداث والتواريخ أو حتى المآسي التي عاشها أجدادنا الأوائل، والمتمثلة في الجوع والظلم والقهر والتجهيل، لكننا اليوم ننفتح على الغد بيقين الأمس، بعد أن حملتنا الرؤية على يد سيدي سمو ولي العهد إلى غدٍ أصيل يؤمن بأمسه لا بكونه محطة عبور إلى الغد فقط، بل بقدرته على أن يشكّل موروثًا حضاريًّا وأثريًّا، لن تحمله كتب التاريخ إلا عبر دهشة صورة وحكاية حياة، نعم نحتاج اليوم ونحن نخطو خطواتنا الأولى لأن نخرج من دائرة ما قبل وأثناء وما بعد الصحوة، لنكتشف وجودنا على هذه الأرض بكل ما مررنا به من فقر وظلم وتشرّد وتوحّش، قبل أن يهيئ الله لنا هذه الدولة العظيمة لنكون ما نحن عليه اليوم، وأجدني سعيدًا جدا ــ بعيدا عن التقييم ــ بفكرة المسلسل السعودي الذي عرض مؤخرا «سفر بيرلك» أو حتى مسلسل « دكّة العبيد» وهي أعمال غاية في الأهمية حينما حاولت النبش في المسكوت عنه من تاريخنا لهذا لا أتردّد هنا في أن أدعو أصدقائي الروائيين إلى النبش في ذلك المخزون التاريخي لهذه الأرض، ولا شك أن بيدهم مفاتيح التاريخ حينما يقدمونه حكاية تنتقل إلى صورة سينمائية تحاول مقاربته وتقديمه فنّا يعيد محاكمته للواجهة بأدوات الفن المؤثرة، وأجزم أنهم يدركون مثلي أن في مسارب هذه الصحراء وكهوفها أبوابا كثيرة للكلام عليهم فتحها ليقولوا لنا غير ما قاله الغرباء ذات تاريخ مظلم..!




http://www.alriyadh.com/2014273]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]