سِعدتُ بالمشاركةِ قبل أيام في (ملتقى كلية الآداب للإنسانيات الرقمية: مجتمع حيوي) الذي نظمّته كلية الآداب في جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن في 26 – 27 من شهر شوال من العام 1444هـ، وتميز الملتقى بحسن التنظيم، وحفاوة الاستقبال، وجودة المحتوى البحثي في الأوراق العلمية المطروحة؛ إذ ناقش جملة من الموضوعات المهمة ذات الطابع الجديد والمواكب، كتطور الإنسانيات الرقمية وأثرها في تعزيز الهوية الوطنية، والثقافة الإسلامية، واللغة العربية، وحفظ التراث، وتحقيق الاستدامة البينية، وواقع أثر الرقمنة في نشأة التخصصات البينية الحديثة، كاللسانيات الحاسوبية، والصحافة الرقمية، والنظم الجغرافية، ونظم المعلومات، والسياحة الرقمية، ووسائل التعلم والتعليم.
كما سلّط هذا الملتقى المتميز أضواءه على أثر تنامي الثقافة التقانية، وامتزاج العلوم وانصهارها في خدمة المجتمع، والبحث في قضاياه، ورفع كفاءة التواصل، وجودة الحياة، وتهيئة البيئات الإيجابية الجاذبة، ودور الرقمنة في دفع حراك المبادرات الوطنية نحو ابتكار تطبيقات حكومية أسهمت في بناء بيئة عامرة تحقق أهداف التنمية المستدامة، إضافة إلى استعراض التجارب الناجحة، والمبادرات الوطنية في مجال الإنسانيات الرقمية من خلال بعض النماذج والتطبيقات، وصولاً إلى أثر هذه الإنسانيات الرقمية في تحقيق رؤية المملكة العربية السعودية.
ولأن هذا الملتقى يناقش موضوع (الإنسانيات الرقمية) في تنوعها وبينيتها؛ فقد سرني أن كنتُ أحد المشاركين في محاوره، وذلك من ميدان تخصصي في الأدب والنقد، فأسهمتُ فيه بورقة علمية متواضعة جاءت بعنوان (تحولات السرد الروائي في الأدب السعودي المعاصر وأثرها في تشكيل إرهاصات الأدب الرقمي)، وقد حاولتُ فيها أن أعرف بتاريخ السرد الروائي السعودي، ثم تناولتُ السبق السعودي في ميدان الأدب الرقمي من خلال الرواية ذات الطابع البريدي، ثم عالجتُ الحضور المتجدد للسرد الروائي السعودي من خلال الرواية ذات الأثر الهاتفي، ثم ناقشتُ التوهج السردي السعودي من خلال الرواية ذات اللون الذكي.
ومن أهم النتائج التي توصلتُ إليها في هذه الورقة: الكشف عن جزء من التحولات التي يمر بها السرد الروائي السعودي من حيث التأريخ له، وهو جزء ما يزال بحاجة إلى مزيد عناية واهتمام، والوقوف على بعض النماذج الروائية السعودية المؤسسة في ميدان الرقمية اليوم، كالروايات البريدية، والروايات الهاتفية، والروايات الذكية، إضافة إلى اكتشاف أجناس أخرى محايثة للسرد الروائي السعودي، وهي أجناس تأثرت بتلك التقانات الحديثة، فأكسبت الرواية طابعاً شعرياً، وتقانياً، ولعل من تلك الأجناس مثلاً: السيرة الذاتية، والرسائل، ونحوها، وكان من نتائج الورقة أيضاً: محاولة التأسيس للأدب الرقمي من خلال السرد الروائي المتأثر بالإلكترونية، بوصف هذا التأثر مدخلاً لعلاقة الأدب بالرقمية، أو بوصف ذلك السرد عتبة أولى تمهد لأفاق بعيدة من الأدب الرقمي التفاعلي، إذا تحرر الأدب من بعض ورقيته.
كما خرجت الورقة بجملة من التوصيات، وذلك من قبيل: حث مؤرخي الأدب السعودي تحديداً على رصد التحولات التاريخية التي تمر بها الرواية، ولا سيما بعد الألفية الجديدة التي أخذت فيها الرواية تنمو وتتكاثر، وتتأثر بكل جديد، وللأسف أن مؤرخي الأدب ما زال يغفل أكثرهم عن مثل هذا التطور الهائل الذي تعيشه الرواية السعودية، ومن التوصيات أيضاً: مقاربة الرواية السعودية المتأثرة بالفضاء الرقمي مقاربات تنعكس على أدبية الرواية من جهتها الرقمية، كالبحث عن النماذج الجديدة التفاعلية إن وجدت، أو دفع المبدعين إلى التوجه إلى ميادينها وفضاءاتها.




http://www.alriyadh.com/2014277]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]