قال معالي وزير الطاقة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان في الجلسة الحوارية في "منتدى قطر الاقتصادي" بالدوحة الثلاثاء الماضي: إن الوكالة الدولية للطاقة أثبتت أن لديها موهبة خاصة، هي أن تكون مخطئة باستمرار. ولهذا تذكرت إحدى كتبي القديمة، المنشور عام 2002، تحت عنوان: اتجاهات أسواق النفط العالمية وتأثيرها على التطور الاقتصادي في المملكة، والذي سلطت فيه الضوء على دور الوكالة الدولية للطاقة.
بالفعل، فإن شيئا لم يتغير في سلوك هذه الوكالة ولا يمكن أن يتغير في علاقتها بالدول المنتجة للنفط. وهذا أمر طبيعي، لأنها في الأساس أنشئت لتنسيق مواقف الدول الصناعية المستهلكة للطاقة لمواجهة الدول المنتجة للطاقة، وعلى رأسها أعضاء الأوبك. فنحن إذا أمام جدلية سرمدية نابعة من التناقض الأبدي بين المنتجين والمستهلكين، منذ قديم الزمن. فالمنتج أو البائع، بطبيعته يرغب أن يصرف ما لديه بأعلى الأسعار، في حين أن المشتري يساوم البائع من أجل الحصول على سعر منخفض.
ولذلك، فليس مستغرباً أن يتم إنشاء الوكالة الدولية للطاقة عام 1974، تحت إشراف منظمة التعاون الاقتصادية والتنمية بعد الحظر النفطي الذي فرضته الدول العربية عام 1973، وارتفاع أسعار النفط. فقد شعرت الدول الصناعية التي تستهلك أكثر من 75% من الطاقة المنتجة في العالم، أن عليها التنسيق فيما بينها بخصوص القرارات التي يتخذها منتجو النفط أعضاء الأوبك التي كانت حصتهم حينها في إجمالي النفط المعروض 53%.
ومنذ ذلك الوقت، فإن أحد أسلحة الوكالة هي المعلومات الخاطئة، وذلك من أجل التأثير على القرارات التي تتخذها البلدان المنتجة، والمستهلكة للطاقة. أو بالأصح، تحريض المجموعة الأخيرة على المجموعة الأولى. وهذا كان واضحاً عندما قرر أعضاء أوبك+ في أبريل الماضي القيام بتخفيض طوعي لإنتاج النفط. فقد رأت الوكالة أن قرار أوبك+ يتجاهل توقعاتها بارتفاع الطلب العالمي على النفط بأكثر من مليوني برميل يومياً. ولذلك رأت أن هذا التخفيض سوف يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط وتزايد الضغوطات على المستهلكين.
ولكن مثلما نرى، فإن شيئا من توقعات الوكالة لم يحدث. بالعكس، فإن العرض، حتى بعد تخفيض أعضاء أوبك+ لإنتاجهم، لا يزال أكثر من الطلب، الأمر الذي أدى إلى انخفاض أسعار النفط وليس ارتفاعها. وعلى أي حال، فإن هذه ليست المرة الأولى ولا الأخيرة التي تخطئ فيها الوكالة وسوف تخطئ. فالكل يذكر توقعاتها بانخفاض أسعار النفط عام 2001 إلى 22 دولاراً. ولكن أسعار النفط ارتفعت إلى 110 دولارات.
من ناحية أخرى، فإن هذا الخلاف بين توقعات أوبك الصائبة وتوقعات الوكالة المخطئة، يؤدي دائما إلى توتر العلاقات بين المنتجين والمستهلكين للطاقة وتزايد الضغوطات على أوبك+ للتصرف وفقاً لتوقعات الوكالة، حتى تكون أسعار النفط مناسبة للدول الصناعية. وهذا يتطلب من الدول المنتجة للنفط، كما قال معالي الوزير، أن تكون يقظة ومبادرة ومتحوطة.




http://www.alriyadh.com/2014301]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]