من الضروري مراقبة تفكيرنا وتحليله بانتظام؛ كما أن محاولة تحدي الأفكار السلبية بأفكار إيجابية واستبدالها بأفكار مُحفزة ومُطمئنة، يُساعد على التركيز على اللحظة الحالية، والاستمتاع بالأنشطة التي تعطينا راحة، وبهجة في تحويل انتباهنا بعيداً عن الأفكار السلبية..
يقول أرسطو: "مشكلاتي مع نفسي تتعدى بمراحل مشكلاتي مع أي مخلوق آخر"، كل ذلك سببه الأول والأخير هو الأفكار التي تتدفق في عقولنا وتتجول كخيولٍ جامحة تحتاج إلى ترويض، فالتفكير هو حوار الروح مع نفسها بحركة عقلية، وقوّة مُدركة يكتشف الإنسان عن طريقها القضايا المجهولة لديه، والتي يبحث عنها ويستهدف تحصيلها، فتنمو معارفه وعلومه وأفكاره في الحياة ولا يحصل على المعرفة إلا بعد أن يتعلم كيف يفكر؟
فكل ما يتردَّد على الخاطر من آراء بالتأمل والتدبر، وما يخطر في العقل البشري، من أشياء أو حلول أو اقتراحات مُستحدثة أو تحليلات للوقائع والأحداث هو تفكير، وقدرة الإنسان على توليد الأفكار تترافق مع قدرته على الاستنتاج والتعبير عن النفس.
ومن خلال اطلاعي وجدت أن ما يُفكر فيه العقل يُؤثر على أعضاء الجسم الخارجية كافة من تعبيرات الوجه وحركات الجسم وأيضاً أعضاء الجسم الداخلية حتماً إنها المشاعر فهي رد الفعل الطبيعي لما يحدث بداخلنا من أفكار وملفات ذهنية، وقد أعطانا الله سبحانه وتعالى القدرة على التحكم في أفكارنا، لأن الفكرة لها قوة جبارة قد تُسبب السعادة والراحة إذا استخدمت إيجابياً وقد تسبب التعاسة والاكتئاب والقلق لو استخدمت سلبياً، كما تُؤثر على مستوى الطاقة والتركيز والأداء، فما تزرعه في ذهنك من بذور التفكير سيكون نتاج محصولك من النوع نفسه، إن الأفكار قادرة على تخطي الزمن وتَنشط في أي وقت وأي مكان بسرعة تتعدى سرعة الضوء؛ فالعقل يساعدنا على التركيز على هذه الفكرة فقط وذلك لأنه لا يستطيع التفكير إلا في فكرة واحدة وفي وقت معين.
ولا يخفى عليكم بأن الفكر له تأثير كبير على العقل والسلوك والجسد والمشاعر وتأثيره عملية متعددة الأبعاد.
السؤال هنا: كيف نتحكم بالأفكار السلبية المتدفقة في العقل؟
من خلال خبرتي في هذا المجال كنت أنصح المتدربين لدي في برامج التخلص من الأفكار السلبية بالتدرج في استخدام الخطوات والبدء بمرحلة الوعي، كوننا واعين للأفكار التي تمتلكنا تُعتبر خطوة رئيسة في التحكم بها، من الضروري مراقبة تفكيرنا وتحليله بانتظام. كما أن محاولة تحدي الأفكار السلبية بأفكار إيجابية واستبدالها بأفكار مُحفزة ومُطمئنة يُساعد على التركيز على اللحظة الحالية والاستمتاع بالأنشطة التي تعطينا راحة وبهجة في تحويل انتباهنا بعيداً عن الأفكار السلبية، وقد ثبت عنه ﷺ أنه كان يُعجبه الفأل. ثم إن ملء العقل بالمحتوى الإيجابي، مثل: الكتب الأنيسة والأفلام المُلهمة، وتشكيل دائرة علاقات إيجابية، والتفاعل مع الأشخاص الذين يُلهمون ويُساندون والحصول على قسط كافٍ من النوم وممارسة الرياضة بانتظام والتغذية الصحية، يؤثر على الحالة العقلية والجسدية بطُرق إيجابية، وعدم التردد أيضاً في طلب المساعدة من أصدقائنا المقربين أو الاستعانة بمتخصصين مثل المعالجين النفسيين يُعد من أفضل الممارسات التي تغذي العقل بالإيجابية.
إن بلادنا بحاجة ماسة إلى عقول تُنتج أفكار نهضوية تنموية وعملية تدفع بها نحو الحضارة، فأصل الاختراعات والابتكارات فكرة، وعليها يقوم المستقبل.
قد يستهين بها البعض أحياناً، ولكن على أكتافها يقوم النجاح الحقيقي، وكل ما حولنا من إنجازات كان أصله فكرة، زُرعت في أرض خصبة وسُقيت بماء الاجتهاد، وأينعت إنجازاً.
وفي بلادنا كثيرة هي الأفكار التي ما إن كبرت حتى تحولت إلى فرص، عادت على أصحابها بالفائدة والخير، وأضحت نموذجاً يُحتذى به، فالازدهار ينهض على تنافس الأفكار وليس على الاحتكار، إنه يقوم على مبدأ الإقناع وليس على الإخضاع، ومتى فقد هذا الشرط فإنه ينقلب من فكر إلى أيديولوجيا قامعة تُطفئ الفكر وتجمد العقل وتشلُ الثقافة وتدفعها إلى التحجر، والحمد لله لدينا قيادة مُلهمة وداعمة ومُشجعة، يبقى الدور على خيولنا الجامحة.




http://www.alriyadh.com/2022993]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]