لا توجد وظيفة تعادل في أهميتها وارتباطها بحاجات الإنسان الأساسية مثل الطب، وكلنا رأينا كيف اتجهت أنظار العالم خلال تصاعد أزمة كورونا نحو الممارسين الصحيين، ورأينا أيضاً الأداء البطولي المذهل الذي قام به الأطباء ومنسوبو القطاعات الصحية كافة خلال الجائحة.
الطب مهنة نبيلة لكنها مرهقة جداً؛ فالطبيب هو المسؤول عن تحسين جودة حياة الإنسان وتخفيف آلامه والمحافظة على حياته، إلا أنها وظيفة تتطلب سنوات طويلة من الدراسة المعقدة الصعبة، تعقبها مرحلة الممارسة وساعات العمل الطويلة والمناوبات والاتصالات المفاجئة، حيث يعمل الأطباء بمعدل 50 ساعة في الأسبوع، أي ما يعادل 10 ساعات يومياً، مما يجعلهم من الطبقات العاملة المعرضة للاحتراق الوظيفي بكل ما فيه من ألم نفسي وجسدي قد يؤثر على قراراتهم المصيرية وجودة الخدمة المقدمة للمريض.
قادتني أكثر من صدفة لحديث جانبي مع أطباء خارج أروقة المستشفيات، تحدثوا كثيراً عن معاناتهم من ساعات العمل الطويلة بسبب نقص في الطاقم الطبي أحياناً، والتوتر والقلق الذي تفرضه طبيعة عملهم من حيث اتخاذ قرارات مصيرية بشكل سريع، وشعور بعضهم بأن التقدير المعنوي لا يتناسب مع حجم المسؤوليات وكمية العمل المناط بهم.
ولأن الأطباء لطالما استمعوا لنا ولشكاوانا فأعتقد أن من حقهم علينا كمجتمع بشكل عام وكمسؤولين عن الإدارات الطبية في وزارة الصحة أو الجهات الأخرى التي تقدم خدمات طبية لمنسوبيها، أن يتم الاستماع لهم، وتتفقد أحوالهم وتحسن أوضاعهم وترفع جودة حياتهم؛ إن كان عبر تحفيزهم ودعمهم بالمزيد من الكوادر الطبية التي تخفف من الضغوطات عليهم أو غيرها من المتطلبات.
يجب أن نعلم كذلك أن معرفة الضغوطات التي يواجهها الأطباء والكادر الطبي والعمل على توفير حلول لها، وتذليل التحديات التي تواجههم ستنعكس بشكل إيجابي أيضاً على جودة حياة المواطنين والمقيمين، حيث ستتقلص مدد الانتظار للمريض وتتقارب المواعيد وبالتالي نستطيع تلافي أي مضاعفات قد تسببها الأمراض، كما سيتمكن الطبيب من إعطاء المرضى الوقت الملائم للاستماع لمشكلاتهم الصحية وشرح الخطة العلاجية.
هذه الشريحة المهمة من المجتمع لطالما خففت الكثير من المعاناة وأنقذت أرواحاً وساهمت في الحد من انتشار الأمراض، وأعتقد أن أقل واجب نقدمه هو الاستماع لهم ومعرفة الصعوبات التي تواجههم وبذل كل ما نستطيع لتحسين ظروفهم الوظيفية.




http://www.alriyadh.com/2024165]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]