الأسبوع الماضي كنت غاضبة بسبب مقال قرأته ينتقص من الكتاب، وهناك عموما الكثير من الكتاب الذين ينتقصون من الكتاب، ويجدون طبعا الكثير من الاستحسان وهي مسألة غريبة بالنسبة لي لأنك إذا أشعت هذا الشيء فأنت تضر نفسك بالنهاية. لكن ليس هذا ما أريد الحديث عنه.
أريد أن أتخيل لو أن الدنيا بدون أدب، ليس هناك روايات تقرأ فيها عن عوالم وشخصيات تجعلك تفكر في الآخر بعينيه وتضع نفسك مكانه، لو أن ليس هناك قصائد تلجأ لها كي تعرف كيف تخاطب حبيبتك، لو أن ليس هناك قصص تفاجئك بلحظات تمر أمام عينيك بدون أن تلحظها من قبل، لو أن ليس هناك مسرحيات تضحكنا وتبكينا على ما يحدث في حياتنا من كوميديا ودراما.
لو أن الدنيا بدون أدب، ستختفي الأغنيات التي تخفف عنا بأكثر أشكال اللطف ما نعانيه، لن يكون هناك سينما أو مسرح أو مسلسلات نتابعها آخر النهار، عظيمة أو حتى سخيفة كي تمسح عنا التعب ونتلهى بها عن حوادث اليوم.
لو أن ليس هناك أدب.
سيصبح كلامنا جافا ومباشرا ليس فيه تورية أو استعارات، لن يكون هناك تشبيهات أو اقتباسات ننسى من أين أتت لكننا نستخدمها لأنها تجعل الكلام أحلى وأكثر بلاغة ويصل إلى قلب المتلقي.
لو أن ليس هناك أدب ستكبر الغربة التي نشعر بها، سيقل التواصل أكثر وأكثر، سيصبح الكلام ثقيلا والصدور محملة بمشاعر لا يمكن الإفصاح عنها لأن الكتاب توقفوا عن قول ما نريد، عن إخراج مافي صدورنا وتحويله إلى كلمات.
لو أن ليس هناك أدب، ربما لن تتوقف الحروب لكننا لن نعرف مدى بشاعتها، الموت سيستمر لكن لن نقرأ قصائد الرثاء التي تواسينا، الحب سينتهي وسيكون ذلك مؤلمًا بشكل أكبر لأن كل تلك الحكايات والقصائد ستختفي دون أن نعرف أن ما حدث لنا حدث لغيرنا وكتبوه بأبلغ الطرق وخففوا عنا هذا العناء.
لو أن ليس هناك أدب، لن نسمع فيلسوفا أعمى يقول خفف الوطء ما أظن أديم الأرض إلا من هذه الأجساد ونتعلم التواضع.
لو أن ليس هناك أدب، لن نعرف آنا كارنينا أو جان فالجان أو زوربا أو سي السيد.
لو أن ليس هناك أدب، لن نصرخ مع طلال وترحل صرختي وتذبل، ولن نستعطف مع محمد عبده لا تردين الرسايل ويش اسوي بالورق، ولن نحزن مع عبادي كنت أحلم إني عاشق، لا أخاف ولا أضيع ولا أفارق، ولن نهمس مع عبدالمجيد تصدق الأحلام إنتي اللي بانتظرك عمر. كل أغاني البدر ستمحى. هل أدركتم الآن حجم الكارثة؟
تحية للأدب والأدباء.




http://www.alriyadh.com/2024516]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]