تتنافس دول العالم في ترتيبها الاقتصادي -الولايات المتحدة الأميركية، الصين، اليابان، ألمانيا، والهند– على صدارة المشهد العالمي، والتأثيرين السياسي والاقتصادي، فإذا كانت الصين خلال خمسة عقود حملت على عاتقها انتشال نحو نصف مليار إنسان من حالة الفقر المدقع إلى الشريحة الوسطى في المجتمع الصيني اقتصادياً، وقد نجحت في ذلك، عندما طبقت برامج علمية في مراحل التعليم المختلفة، استطاعت خلالها –وفي هدوء تام– تحقيق طفرة اقتصادية تؤهلها لصدارة المشهد الاقتصادي عالمياً.
على الجانب الآخر بعد استقلال الهند سنة 1947م، عانت اقتصادياً، وأوشكت على إعلان الإفلاس بحلول سنة 1991م، وقبل الإعلان الرسمي عن الإفلاس بأسبوع لا أكثر، أعلنت عن خطة طموحة من أربع كلمات "تطوير التعليم، ومنظومة القضاء"، وبدأت المسيرة من حيث انتهى الأميركيون واليابانيون والألمان، بتعظيم التعليم التقني والفني؛ لنصل إلى أن معظم الشركات الأميركية التقنية يقودها هنود، سواء عن طريق التجنيس أو الإقامة الدائمة، أو عقود العمل لأبناء الهند في بلاد العم سام، وفي عام 2014م قررت الهند الاستعانة بأبنائها في الخارج وما يملكونه من علم وخبرات؛ لبناء اقتصاد قائم على المعرفة؛ لتصل الهند اليوم إلى المرتبة الخامسة عالمياً في الاقتصاد، ويُنتظر أن تحتل المركز الثالث بدلاً عن اليابان بحلول عام 2027م.
كانت تلك مقدمة طويلة نسبياً للحديث عن العلم وأهميته وتأثيره الاقتصادي، لأننا في المملكة ومع إطلاق رؤيتها الطموحة بدأنا خطوات حثيثة نحو تحقيق الريادة العلمية عربياً وإقليمياً، وبالأمس القريب أطلق صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس أمناء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية -حفظه الله-، الاستراتيجية الجديدة للجامعة، التي تهدف إلى تحويل العلوم والأبحاث إلى ابتكارات ذات عائد اقتصادي.
لم نندهش عندما رأينا أن سمو ولي العهد، جعل البحث والتطوير والابتكار، وصحة الإنسان، واستدامة البيئة، والطاقة المتجددة، واقتصاديات المستقبل، وتعزيز الشراكات الدولية والمحلية المثمرة، والشراكة مع القطاع الخاص، أولوية وطنية لنجاح تلك الاستراتيجية؛ لتحقيق أهداف رؤية السعودية 2030.
إن هذا الفكر المستنير جعل "كاوست" من أهم الجامعات البحثية الرائدة في العالم، لاهتمامها بالمعرفة والبحث العلمي، هذا الفكر سينقل المملكة نقلة كبيرة في التعليم واقتصادياته، وسينعم الشباب السعودي بفرص وظيفية نوعية، ذات عوائد مجزية، خاصة أن المملكة تسير في خطوط متوازية للاستثمار في الطاقات البشرية، فإذا كنا نتحدث عن الإبداع والابتكار، فلدينا الهيئة السعودية للملكية الفكرية، التي تصون حقوق المبدعين وابتكاراتهم، وإنتاجهم العلمي، ومن ثم تحويل الابتكارات إلى واقع صناعي، لتوطين صناعات تقنية عالمية ذات مردود كبير، وسيحقق ذلك مستقبلاً أفضل للمملكة وأبنائها.
إن ما تقوم به المملكة خلال العقدين الأخيرين من أعمال على أرض الواقع، يبشر بوصول المملكة إلى ما تستحق من مكانة عالمية سياسياً واقتصادياً، لأن العلم أساس النهضة الحديثة، لأن مكونات النهضة ومقوماتها تقوم على استراتيجيات مدروسة لتطوير منظومة التعليم في مراحله المبكرة، وصولاً إلى ما بعد الدكتوراهة، وما تنتجه الأبحاث العلمية والمعامل، من خلال طاقات شابة يتم تأهيلها والاستثمار في طاقاتها الإبداعية.




http://www.alriyadh.com/2030319]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]