ليس من الصعب أن تُطلق مشروعات ضخمة، وأن تعمل على تغيير وجه منطقة محددة وتجعلها وجهة للتطوير والأعمال، لكن الصعوبة تمكن في إِشراك المجتمع المحلي، وجعله شريكاً حقيقياً للمشروع، مما يضاعف نتائجه الإيجابية، ويقلص تأثيراته السلبية، وهذا ما تفعله هيئة تطوير محميّة الملك سلمان بن عبدالعزيز الملكية، وتحقق النتائج المذهلة!
تعرّف هيئة الأمم المتحدة «المشاركة المجتمعية» بأنها: «عملية استراتيجية لإشراك السكان المحليين مباشرة في جميع جوانب اتخاذ القرارات والتنفيذ، بهدف تعزيز القدرات المحلية، وهياكل المجتمع، والملكية المحلية، فضلاً عن تحسين الشفافية، والمساءلة، وتوزيع الموارد بالشكل الأمثل عبر إعدادات متنوعة». وهي من أفضل الممارسات الإدارية التي تعود بالنفع على المشروع وأهدافه، والأهم على المجتمع المحيط به.
على المستوى الدولي يعتبر «نظام المحميات الطبيعية للحياة البرية في الولايات المتحدة» نموذجًا متميزًا في إشراك المجتمع المحلي. إذ يقوم بتنظيم العديد من الأنشطة والبرامج التي تهدف إلى تعزيز مشاركة المجتمعات المحلية في تخطيط وتطوير البرامج، ورفع المحليين بأهمية الحفاظ على البيئة، برامج التوعية البيئية في المدارس، وورش العمل للبالغين، وفرص التطوع المتعددة التي تشمل إعادة التأهيل البيئي وغرس الأشجار، والمساعدة في الأبحاث العلمية.
هنا في المملكة لم تقتصر تجربة محميّة الملك سلمان على إِشراك المجتمع بمجرد برامج وفعاليات، بل تبنت مجلساً استشارياً يعد النقطة المرجعية للتواصل مع المجتمع المحلي. وذاك لمنحهم فرصة المشاركة في تحديد المسارات وصناعة القرارات التي تُؤثر على المحمية والتنمية المستدامة، وفتح المجال للابتكار والتحسين المستمر، وتقديم مدخلات حول كيفية إدارة المحميات وأي نوع من الأنشطة يُفضل تنظيمها، وهو ما يُسهم في تعزيز الاستدامة والنجاح المشترك.
امتد ذلك لإقامة اللقاء التفاعلي «رواد المحمية»، حيث تعرض قصص نجاح أبناء المجتمع المحلي، بهدف إلهام وتحفيز الأفراد على المشاركة النشطة والعمل الحر داخل المحمية، كما تعززت هذه الرؤية بالتعاون مع نادي «الطائي» الذي يقع مقره في حائل، حيث يقع جزء من محمية الملك سلمان، عبر تفعيل الرسائل التوعوية، التي بالتأكيد سوف تصل إلى فئة أوسع، عبر النادي الرياضي الأقرب لهم.
غير أن «التطوع» يعد أهم الأنشطة التي تعزز إشراك المجتمع، حيث يُتيح للأفراد المشاركة المباشرة في أنشطة الحفاظ على المحمية، مما يمكنهم من فهم أعمق للتحديات التي تواجه المحميات، ويتكون لديهم شعور بالملكية والإنجاز.
أتاحت مسارات المشاركة المجتمعات المحلية في محمية الملك سلمان لأبناء المنطقة فرصاً ليكونوا جزءًا من الحلول الحالية والخطط المستقبلية، وليس مجرد مستهلكين للموارد الطبيعية، مما يعدنا بتحقيق نجاحٍ طويل الأمد في جهود الحفاظ على المحميات وتوسّع تأثيرها الاجتماعي والاقتصادي، وهي فرصة تجربة محلية ناجحة من الضروري أن تستفيد منها الجهات النظيرة، وتتبنى مشاركة المجتمع كشريك حقيقي في المشروع، حتى يستفيد الجميع.




http://www.alriyadh.com/2031825]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]