إن كلمة سمو ولي العهد في "قمة مجموعة العشرين، نيودلهي 2023م" ساهمت مساهمة مُباشرة في تحقيق الأهداف العُليَا التي من أجلها تأسست مجموعة العشرين، وعَمِلت باحترافية عالية على توحيد الصفوف بين أعضاء المجموعة للاصطفاف خلف برامج واستراتيجيات التنمية المُستدامة..
عندما تتواجد المملكة العربية السعودية في المُناسبات الإقليمية والدولية والعالمية، تُطرق بتواجدها الأهداف العُليا التي من أجلها عُقدت تلك المناسبات الإقليمية والدولية والعالمية أياً كانت مسمياتها وأماكن انعقادها ومستوى التمثيل الرسمي للدول. نعم، إنه مبدأ من مبادئ سياسة المملكة العربية السعودية تجاه مؤسسات ومنظمات وهيئات المجتمع الدولي التي أسستها بشكل مباشر كدولة مؤسسة، أو ساهمت بتأسيسها كعضو مؤسس، أو تمت دعوتها للانضمام لمنظمة أو مجموعة دولية قائمة. وهذا المبدأ الأصيل لسياسة المملكة العربية السعودية هدفه الأساس الالتزام بالميثاق أو الاتفاقية الدولية التي تأسست عليها تلك المنظمة أو الهيئة أو المؤسسة الدولية، والتي بناءً عليها انضمت لها - المملكة والدول الأخرى الموقعة على الانضمام - مما يجعلها منظمة ناجحة على المستويات الدولية، ويساهم في تعزيز فاعليتها في المجتمع الدولي، ويمكنها من تحقيق أهدافها التي تأسست من أجلها، ويبعدها عن الاستغلال السلبي بالانحراف بها عن أهدافها الأصيلة لتحقيق مصالح ومنافع خاصة على حساب المصلحة العليا التي من أجلها تأسست تلك المنظمة أو الهيئة أو المؤسسة.
نعم، إن المملكة العربية السعودية والدول المنظمة للمنظمات والهيئات والمؤسسات الدولية تتطلع من حضورها المناسبات الدولية لخدمة مصالحها التي من أجلها حضرت وأعدت خططها ووضعت برامجها التي تريد طرحها في تلك المناسبات الدولية لتتمكن من الحصول على توافقات دولية تمكنها من خدمة مصالحها بعد طرحها تحت مظلة تلك المُناسبة الدولية إيماناً منها بأن جميع الدول تأتي لهذا الغرض وليس لأغراض أخرى. نعم، إن المملكة والدول الهادفة في المجتمع الدولي تتطلع من حضورها اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة لأن تعرض فيها قضاياها وفقاً لميثاق الأمم المتحدة وما تضمنه من أهداف وغايات سامية، وليس طرح قضايا ضيقة هدفها الدمار والصراع. وإن المملكة والدول الإيجابية في المجتمع الدولي تتطلع من حضورها اجتماعات منظمة التعاون الإسلامي لأن تعرض فيها قضايا تهم المجتمع الإسلامي عامةً وتخدم قضاياه المعززة للأمن والسلم والاستقرار والتنمية والبناء والتطور وما يحقق الرفاه والرخاء لشعوبها وللإنسانية، وليس طرح قضايا طائفية أو مذهبية أو فئوية. وإن المملكة والدول المتطلعة للمستقبل تتطلع من حضورها اجتماعات مجموعة العشرين لأكبر اقتصادات العالم "G20" أن تطرح البرامج والخطط والاستراتيجيات الهادفة للارتقاء بالاقتصاد العالمي، والسَّاعية لتعزيز التنمية المستدامة لدى المجتمعات، والداعية لمساعدة المجتمعات والشعوب المحتاجة والفقيرة بما يحفظ كرامتهم، والحاثة على تمويل البرامج الإنسانية التي تساعد على محاربة الجوع والفقر والأوبئة. نعم، هكذا هي سياسة المملكة العربية السعودية عند حضورها وتواجدها في المناسبات الدولية حرصاً منها على الاستثمار الأمثل للمشاركة في تلك المناسبات، ورغبةً منها في توحيد الجهود الدولية لخدمة المصالح المشتركة والبناءة لجميع الأطراف الدولية المتطلعة للمستقبل. وإذا أخذنا هذه المبادئ الأصيلة والمعايير المحددة التي تسير عليها عند مشاركتها في المناسبات الإقليمية والدولية والعالمية وأنزلناها على مشاركة المملكة العربية السعودية في قمة مجموعة العشرين (G20)، فإننا نجدها متماشية تماماً مع الأهداف الرئيسة التي تأسست عليها هذه المجموعة الممثلة لأكبر اقتصادات العالم.
نعم، لقد توافقت تماماً الأهداف والبرامج والخطط والاستراتيجيات العُليَا التي طرحتها المملكة العربية السعودية مع الأسس التي قامت عليه مجموعة العشرين "G20" لأكبر اقتصادات العالم، وهذا التوافق يتضح جلياً عندما نطَّلع على الأهداف التي أشار لها الموقع الرسمي لـ "قمة مجموعة العشرين، نيودلهي" 2023م، ونضعه أمام ما ورد في نص كلمة سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله -، فإذا نظرنا للموقع الرسمي لـ "قمة مجموعة العشرين، نيودلهي" 2023م، نجد أنه تضمن الآتي: "مجموعة العشرين (G20) هي المنتدى الأول للتعاون الاقتصادي الدولي. وهي تؤدي دورا مهما في تشكيل وتعزيز الهيكل العالمي والإدارة بشأن جميع القضايا الاقتصادية الدولية الرئيسة، تأسست مجموعة العشرين في عام 1999 بعد الأزمة المالية الآسيوية كمنتدى لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمناقشة القضايا الاقتصادية والمالية العالمية، تمت ترقية مجموعة العشرين إلى مستوى رؤساء الدول - الحكومات في أعقاب الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية لعام 2007، وفي عام 2009، تم تعيينها "المنتدى الأول للتعاون الاقتصادي الدولي"، تعقد قمة مجموعة العشرين سنويا، تحت قيادة رئاسة دورية، ركزت مجموعة العشرين في البداية إلى حد كبير على قضايا الاقتصاد الكلي الواسعة، لكنها وسعت جدول أعمالها منذ ذلك الحين ليشمل التجارة وتغير المناخ والتنمية المستدامة والصحة والزراعة والطاقة والبيئة وتغير المناخ.. ومكافحة الفساد"، وتأسيساً على هذه الأهداف السّامية التي دعت لها مجموعة العشرين "G20" عند تأسيسها وعند الدعوة لحضور اجتماعاتها، جاءت كلمة سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - لتعزز من تلك القيم العالمية السّامية الهادفة لخدمة التنمية المستدامة، والسَّاعية لتحقيق الرفاه والرخاء للإنسانية، والداعية لتحقيق التكامل الاقتصادي بين المجتمعات والدول ليتحقق النمو الاقتصادي، وتخطو المجتمعات نحو المستقبل المشرق، ويتعزز الأمن والسلم والاستقرار الدولي. نعم، إن هذه الأهداف والغايات السَّامية نجدها مُتضمنة في كلمة سمو ولي العهد خلال مشاركته في اجتماع الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار والممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا المنعقد في مدينة نيودلهي بجمهورية الهند، والذي بثته مختلف وسائل الإعلام العالمية ومنها "واس" في 9 سبتمبر 2023م، وجاء في نصها، الآتي: "أصحاب الفخامة والسمو والمعالي، الحضور الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يسعدني اليوم أن نجتمع بهذا البلد الصديق لتوقيع مذكرة تفاهم بشأن مشروع ممر اقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، وذلك تتويجاً لما عملنا عليه سوياً خلال الأشهر الماضية لبلورة الأسس التي بنيت عليها هذه المذكرة بما يحقق المصالح المشتركة لدولنا من خلال تعزيز الترابط الاقتصادي، وما ينعكس إيجاباً على شركائنا في الدول الأخرى والاقتصاد العالمي بصورة عامة، وسوف يسهم هذا المشروع في تطوير وتأهيل البنى التحتية التي تشمل السكك الحديدية وربط الموانئ وزيادة مرور السلع والخدمات لتعزيز التبادل التجاري بين الأطراف المعنية، ومد خطوط الأنابيب لتصدير واستيراد الكهرباء والهيدروجين لتعزيز أمن إمدادات الطاقة العالمي، بالإضافة إلى كابلات نقل البيانات من خلال شبكة عابرة للحدود ذات كفاءة وموثوقية عالية، كما تدعم هذه المذكرة جهود تطوير الطاقة النَّظيفة، وسيساهم تنفيذها في توليد فرص عمل جديدة ونوعية ومكاسب طويلة الأمد على امتداد ممرات العبور لجميع الأطراف، الحضور الكرام، إن تحقيق ما اتفقنا عليه في هذه المذكرة يتطلب الاستمرار في الجهود التي بذلناها والبدء الفوري في تطوير الآليات اللازمة لتنفيذها وفق الإطار الزمني الذي تم الاتفاق عليه، وفي الختام، لا يفوتني في هذه المناسبة أن أنوه بمبادرة الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار التي أطلقها فخامة الرئيس بايدن والتي تشترك فيها المملكة العربية السعودية بعشرين مليار دولار، متطلعين لأن يتم إيجاد فرص التكامل بين هذه المبادرات ومشروع الممر الاقتصادي الذي يعلن عنه في اجتماعنا هذا، كما أود أن أقدم الشكر الجزيل لكل من عمل معنا على الوصول لهذه الخطوات التأسيسية في سبيل إنشاء هذا الممر الاقتصادي المهم.. وتقبلوا تحياتي."
وفي الختام من الأهمية القول إن كلمة سمو ولي العهد في "قمة مجموعة العشرين، نيودلهي 2023م" ساهمت مساهمة مُباشرة في تحقيق الأهداف العُليَا التي من أجلها تأسست مجموعة العشرين، وعَمِلت باحترافية عالية على توحيد الصفوف بين أعضاء المجموعة للاصطفاف خلف برامج واستراتيجيات التنمية المُستدامة والتكامل الاقتصادي والمستقبل المشرق، واستطاعت بحكمة بالغة أن تُؤسس للنجاحات الكبيرة التي تحققت أثناء انعقادها وعند ختامها.
نعم، إن وجود المملكة العربية السعودية في المُناسبات الدولية ضمانة رئيسة لطرح القضايا البنَّاءة والهادفة التي تخدم المصالح العُليَا للمجتمعات والشعوب، وضمانة رئيسة لطرح المُبادرات النوعية القادرة على صناعة التأثير الإيجابي في المجتمعات المتطلعة للمستقبل المُشرق لأجيالها والمعزز لمكانتها في المجتمع الدولي.




http://www.alriyadh.com/2032384]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]