كثيراً ما يدور النقاش عن التطورات الإقليمية. وهي تطورات معقدة وصعبة وتحمل في طيات بعضها المخاطر وربما الدمار، كما يحدث في أوكرانيا والسودان وغيره من النقاط الساخنة.
إن الاقتصاد هو المحرك الرئيس لما نشهده من تناقضات أقليمية. فهناك ثروات يسيل لها لعاب الشركات الكبرى، أو بالأصح الشركات متعددة الجنسية، التي لديها خبرائها وأعينها، التي لا يغمض لها جفن عن أي بقعة مهمة على هذه الكرة الأرضية تهم الشركات التي يعملون فيها. وهذه الشركات ليست بلا جنسية كما تسمي نفسها، فمقراتها الرئيسة تقع في أوطانها الأم، الذي ترعى حكوماتها هذه الشركات وتحمي مصالحها.
ولهذا، فإن التطورات التي طرأت على النظام العالمي بدءا من عام 2007-2008، أي بعد الأزمة المالية- الاقتصادية وما صاحبها من تغيرات في موازين القوى العالمية، قد خلقت شركات وتوازنات اقتصادية جديدة. فالصين منذ بداية تلك الأزمة وحتى عام 2009، قد تمكنت من التقدم في البداية على ألمانيا وحلت محلها كثالث أكبر اقتصاد في العالم، ومن ثم على اليابان لتصبح ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وهذا التطور، قد أدى إلى تحول الصين إلى قاطرة تجر وراءها بقية عربات الاقتصاد العالمي. وعلى هذا الأساس ظهرت شركات صينية ضخمة تبحث عن فرص للاستثمار في كافة أنحاء العالم. وهذا تطور لم ترتاح له تلك الشركات، التي اعتقدت أنها قد أصبحت المسيطرة على هذه المعمورة دونما منافس – خصوصاً بعد قيام منظمة التجارة العالمية. كذلك، فإن ظهور الشركات الروسية التي أخذت تنقب عن الآبار والمناجم الجديدة، في آسيا وأفريقيا هو الآخر أثار القلق.
ولهذا، أصبحت أطراف العالم وأقاليمه غير مستقرة، نتيجة الصراع بين الشركات الكبرى، والذي سرعان ما انتقل إلى نزاع بين الدول العظمى التي تحمي وترعى مصالح تلك الشركات.
بالفعل، فإن النظام العالمي في مرحلته الانتقالية التي نعيشها، يشهد عملية إعادة تقاسم لمناطق النفوذ، والتي كان يعتقد وإلى أمد قريب، إنها مناطق قد ماتت بعد انتهاء الحرب الباردة، ودخول العالم عصر العولمة والإنترنت، التي ربطت العالم كله بشبكة واحدة من شرقه إلى غربه ولكن، مثلما تبين، فإنه حتى هذه الأخيرة، أي الإنترنت، لم تسلم من التناقضات التي تشهدها المرحلة الانتقالية التي يمر بها النظام العالمي. ولذلك نلاحظ إقامة الحواجز الإلكترونية بين الدول الكبرى، لمنع تدفق المعلومات.
إن التناقضات والصراعات الإقليمية سوف تزداد حدة، خلال الفترة القادمة، باعتبارها حرب بالوكالة بين الدول العظمى، التي تزداد التناقضات فيما بينها كلما قربت المرحلة الانتقالية للنظام العالمي من الوصول إلى المرحلة النهائية، أي المرحلة التي سوف يتغير بعدها النظام العالمي.




http://www.alriyadh.com/2032910]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]