في زمن الإنترنت، هل من الضروري تواجد المكتبات العامة، لماذا، بالرغم من تكلفتها العالية والمساحات الهائلة التي تحتلها، لماذا؟
يبدو التساؤل منطقياً ومشروعاً، ولكن، دعونا نبحث ونفكر ونتحدث في الموضوع لماذا وجود المكتبات العامة مهم وضروري ولا بديل عنه؟
وجود مكتبة عامة يعني وجود كمية هائلة من الكتب القيمة التي تستطيع من خلال البحث فيها الحصول على معلومات قيمة في المسألة التي تبحث فيها، معلومات حقيقية وصحيحة، بعيداً عن محركات بحث النت الذي يخلط الحابل بالنابل والذي لا تدرك معه إذا كانت المعلومات صحيحة أم ملفقة، بالإضافة إلى أن المكتبات يعمل فيها مكتبي قادر على مساعدتك ومنحك فكرة عن الكتب التي قد تساعدك في بحثك، وبينما النت يعطيك معلومات حسب طريقتك في سؤاله والكلمات التي استخدمتها في بحثك، يمكن أن يفهم المكتبي ماذا تريد بالضبط ويعينك.
المكتبة العامة يمكن أن تقام فيها مناسبات عامة تخص الثقافة والكتاب، يمكن للأمسيات الثقافية، أمسيات الشعر والقصة والحوارات مع الكتاب أن تقام في مكتبة عامة، ذلك أكثر غنى وجمالاً من إقامتها في أي مكان آخر، جربت ذلك الشعور حين أقيم نشاط ثقافي لي في مكتبة آيوا سيتي أثناء إقامتي في برنامج الكتابة العالمي التابع لجامعة آيوا.
تقدم المكتبات العامة خدمات كثيرة، مثل الدورات والمحاضرات والدوريات المتخصصة بشكل مجاني ويخدم الزائرين، من المفترض أن تكون هذه الخدمات موجودة ومتاحة، ويشرف عليها موظفون على درجة عالية من الثقافة.
في المكتبات العامة يلتقي الناس الذين لهم اهتمامات مشتركة، المكتبة العامة مكان عام يمكن للناس فيه أن تلتقي وتتعارف، هل أجمل من مساحة في المكتبة مخصصة للأطفال، يلتقون فيها ويمارسون القراءة أو يتم جمعهم والقراءة لهم. أو أن يلتقي كبار السن ويتبادلون الحديث عن هذا العشق للقراءة الذي يجمعهم. أن يلتقي هواة الفنون ويتعارفون من خلال الكتب التي تستهويهم، أن تقام المعارض الفنية في المكتبة. هناك أحداث كثيرة يمكن أن تقام في المكتبات العامة، أحداث ثقافية وفنية كبيرة. أحداث تجعل من المجتمع الذي يحوي مكتبة عامة مجتمعاً راقياً مثقفاً مطلعاً ومتعارفاً.
وبعكس الإنترنت الذي يتتبع خطواتك ويعرف ماذا قرأت وعن ماذا بحثت وما هي ميولك واتجاهاتك، تدخل إلى المكتبة وتبحث فيها وتخرج، دون أن يتبعك أحد أو يستفيد معلومات عنك ويجعلك مادة لإعلاناته.. المكتبة سرها في بير.
المكتبة العامة ثروة في أي مجتمع، أتمنى أن يعاد فتحها، وأن تتم الاستفادة منها على الوجه الأمثل، في ظل الرؤية الجديدة، المكتبة خير رفيق وبداية.




http://www.alriyadh.com/2033792]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]