عندما اتخذت المملكة قرارها بأداء دور قيادي إقليمي وعالمي في قطاع الطيران المدني، كانت تعي وتدرك تماما حجم إمكاناتها، وحجم الطموح الكبير الذي تسعى إلى تحقيقه القيادة الرشيدة، وهو ما مكنها من الوصول إلى ما وصلت إليه اليوم في وقت قياسي من عمر الزمن -ولله الحمد-، حيث باتت تمتلك الريادة في القطاع على مستوى المنطقة والشرق الأوسط، كما باتت مركزا مهما من مراكز الطيران المدني في العالم، وما أدل على ذلك؛ استضافتها لأهم فعاليات الطيران الدولية، والتي كان آخرها المؤتمر الدولي لمفاوضات الخدمات الجوية (الآيكان 2023) الذي يقام هذه الأيام في الرياض باستضافة من الهيئة العامة للطيران المدني.
ولكي نعي أهمية هذا الحدث بالنسبة إلى المملكة، وما تمثله هذه الاستضافة من ثقة دولية كبيرة، علينا أن نعرف أن مؤتمر (الآيكان) هو الحدث الأكبر من نوعه في العالم، والذي يهدف إلى توفير منصة للتفاوض والتباحث حول شؤون النقل الجوي بين قادة صناعة الطيران في العالم، ومواكبة التطور المتسارع في تلك الصناعة المهمة، ويضم عادة وفودا من مختلف بلدان العالم، وقد استطاع منذ إطلاقه في عام 2008 وحتى الآن، أن يكون بمثابة الفعالية الرئيسة يجري داخلها رسم مستقبل قطاع الطيران العالمي.
المدهش في الأمر، أن الهيئة العامة للطيران المدني التي تستضيف المؤتمر، لم تكتفِ فقط بمجرد الاستضافة وما يصاحبها من زخم، بل حرصت على أن تقدم نسخة استثنائية وغير تقليدية من المؤتمر، حيث سجلت النسخة الخامسة عشرة من المؤتمر رقما قياسيا جديدا لعدد الحضور، بعدما نجحت في استقطاب أكثر من 100 دولة ومنظمة للمشاركة، إضافة إلى مشاركة كبار قادة الصناعة في العالم وعدد من الوزراء وعشرات من رؤساء سلطات الطيران المدني، وأكثر من 700 خبير ومتخصص في مجال الطيران في العالم، وهو ما يدل على المكانة المميزة والثقة الكبيرة التي تحظى بها المملكة في المجتمع الدولي، والتي كانت كفيلة بتشجيع كل هذا الجمع على المشاركة والحضور.
أيضا، لم تكتفِ الهيئة العامة للطيران المدني عند هذا الحد، بل سعت إلى استغلال الفرصة وتقديم مساهمة فاعلة وحقيقية للارتقاء بقطاع النقل الجوي العالمي، من خلال عقد عدد من الفعاليات الدولية على هامش المؤتمر، مثل اجتماع المنظمة العربية للطيران المدني الذي عقد ليلة انطلاق المؤتمر بمشاركة رؤساء هيئات الطيران المدني بدول مجلس التعاون الخليجي، وكذلك منتدى النقل الجوي الذي تنظمه المملكة بالتعاون مع المنظمة العربية للطيران المدني، إضافة إلى تقديم الهيئة جوائز للتسهيلات للمرة الأولى، وغيرها من الفعاليات التي سيتم الإعلان عنها تباعا خلال أيام المؤتمر الذي ينتهي في يوم 7 ديسمبر بالتزامن مع الاحتفاء باليوم العالمي للطيران المدني.
المؤتمر أيضا، يشكل فرصة كبيرة لأي دولة تستضيفه، لكي تستعرض حجم تقدمها في قطاع الطيران، والمملكة -ولله الحمد-، ممثلة في الهيئة العامة للطيران، لديها الكثير والكثير لتقدمه وتعرضه وتبهر به العالم في هذا المجال، فخلال السنوات القليلة الماضية، قطعت المملكة شوطا كبيرا في تحقيق مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للطيران، المتمثلة في زيادة نطاق الربط الجوي للمملكة إلى أكثر من 250 وجهة، وزيادة أعداد المسافرين إلى 330 مليون مسافر سنويا، وزيادة حجم الشحن الجوي إلى 4.5 ملايين طن، بحلول عام 2030، وجميعها مستهدفات، تجاوزت فيها المملكة الخطط الموضوعة، وأحرزت فيها تقدما أكبر مما كان متوقعا -ولله الحمد-.
إن استضافة المملكة لهذا المؤتمر، تجسد التطور الكبير الذي تشهده المملكة هذه الأيام، فهي لا تكتفي فقط بإثبات الحضور، بل تسعى للقيادة والتأكيد على دورها الريادي في مختلف المجالات، كما تجسد تبني المملكة لنهج نادر، وهو عدم الاكتفاء بتحقيق الأفضل على المستوى المحلي، بل السعي لبناء مستقبل أكثر ازدهارا للعالم أجمع، ما يؤكد على إحساسها العميق بالمسؤولية الدولية، وتمتعها بكافة صفات القيادة العالمية الحقيقية.
أخلص القول؛ إن الهيئة العامة للطيران، تمكنت خلال فترة قصيرة من عمر الزمن، أن تحقق قفزات نوعية غير مسبوق بجميع مكونات وتفرعات الطيران المدني ضمن الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية، تحقيقا بنهاية المطاف لطموحات القيادة الرشيدة ومستهدفات رؤية للمملكة 2030 للارتقاء بخدمات الطيران المدني بالمملكة ليصبح منافسا عالميا ويحقق أقصى المنافع للمستفيدين وأصحاب العلاقة والاقتصاد الوطني.
أخيرا وليس آخرا، تأتي استضافة المملكة للمؤتمر الدولي لمفاوضات الخدمات الجوية (الآيكان 2023) الذي يقام هذه الأيام في الرياض عبر الهيئة العامة للطيران المدني، لتؤكد على ما تمثله المملكة من ثقل عالمي في مجال الطيران المدني وغيرها من القطاعات والأنشطة الاقتصادية وأيضا على ثقة العالم بقدرات المملكة بجميع المجالات، بما في ذلك مجال الطيران المدني وخدماته المختلفة.




http://www.alriyadh.com/2047035]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]