الصحافة إعلام، والإعلام فن؛ بدأ على شكل رسومات منحوتة على الصخور بعد مرحلته التلقائية بنقل الأخبار عن طريق الكلام المباشر أو المنقول شفهياً، ومن ثم أخذ أشكاله المختلفة مروراً بقرع الطبول وإشعال النيران لإعلام الناس أو لطلب اجتماعهم لأي سبب من الأسباب يستوجب اجتماع أفراد القبيلة أو الجماعة أو تنبيهها على أمر ما.
واستمر الإعلام في التطور واكتساب طرق جديدة وأهداف متنوعة، وتعددت الأوعية الإعلامية، واقترن الإعلام بالأدب في كثير من المجتمعات منذ أن أصبحت الكلمة وبلاغة التعبير هي نواة الخبر الذي يشكل روح الإعلام.
وقد واجه الإعلام في بداياته شيئاً من التحفظ يحكم هذا طبيعة بعض المجتمعات التي تتخذ طابع الحذر الشديد عند التعامل مع المستجدات، وقد كان هذا الحذر من قبل بعض أفراد المجتمع انعكاساً لتأخر دخول الطباعة إلى المجتمعات الإسلامية بسبب امتناع الخلافة العثمانية حينها عن إدخال المطبعة.
وبرؤية واعية واستشرافية دخل الإعلام بكافة عناصره وتأصل داخل المشهد الثقافي والاجتماعي السعودي، وبرزت أهميته وقوة تأثيره، وكان له حضوره أثناء الأزمات التي مر بها المجتمع السعودي فقام بدور التوعية والتثقيف ولم يخل الأمر من مساحات الترفيه والتي تعتبرإحدى أهم وظائف الإعلام، فالترفيه المنظم حاجة إنسانية ومطلب اجتماعي ونفسي.
لم تتغير فلسفة الإعلام العامة في جانب مكوناته الاتصالية منذ ظهورها إلى أن أخذت شكلها المؤسسي، فالمرسل والمستقبل والوسيلة ظلت المكونات التي يدور على كيانها التنفيذ الحقيقي في تشكيل وإصدار الرسالة الإعلامية، وجاء التطور في الجانب المادي وفي آليات التنفيذ الذي تحكمه المستحدثات الجديدة المرتبطة بالوسيلة، وفي فلسفة السياسات والتوجهات الإعلامية التي بدأت تنطلق وترتكز على أهداف متعددة يبنى عليها كيانها الاتصالي.
واستطاع الإعلام السعودي أن يكون منظماً لوسائل الإعلام الحديثة وأن يتماهى مع الرقمنة التي بدأت تسيطر على المشهد الإعلامي والثقافي، وها هو الإعلام السعودي أصبح واجهة استوعبت أن التوجه صار باتجاه الشرق، وأن الغرب لم يكن ليصل إلى ما وصل إليه بالقوة العسكرية فقط بل بالقوة الإعلامية التي رسخت صورة الغرب القوي والمثقف والمتقدم، فكل ما يقدم للإعلام هو نوع من أنواع الاستثمار المتعدد الفوائد على المدى القريب والمتوسط والبعيد، وإضافة إلى الرصيد الوطني وتعزيز المكانة والقوة الثقافية والحضارية للوطن ولكل مواطن ومواطنة، ولذلك نرى مدى الاهتمام بهذا العنصر والحرص على تنظيمه وإعادة هذا التنظيم بين وقت وآخر بناء على معطيات كل مرحلة يعيشها وطننا وطبيعة كل مرحلة، وقد تعامل علم الاجتماع مع الإعلام بصفته شكلاً من أشكال الاتصال وظاهرة اجتماعية ومكوناً فاعلاً أصبح ضمن مكونات البناء الثقافي الذي يمنح البناء الاجتماعي الحيوية والترابط والتفاعل والانفتاح الفاعل على المجتمعات الأخرى، وبما أن الإعلام فن فإن التعامل مع المستجدات وأقربها فوز المملكة العربية السعودية بحق تنظيم إكسبو 2030 سيكون من هذا المنطلق وبرؤية إعلامية فنية اجتماعية متكاملة بدأنا نرى بوادرها منذ اللحظات الأولى للفوز بتنظيم هذا الحدث العالمي الكبير.




http://www.alriyadh.com/2047623]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]