استراتيجية الاتصال المؤسسي تشمل مجموعة من العناصر والأنشطة التي تساهم في تحقيق أهداف المؤسسة في التواصل مع الجمهور والمجتمع، وتشمل المراد تحقيقه من خلال جهود الاتصال، سواء كان ذلك بناء الوعي، تعزيز الثقة، زيادة المشاركة، أو تعزيز الصورة العامة وبناء الهوية..
يعد التخطيط الاستراتيجي للاتصال المؤسسي أحد العناصر الأساسية في بناء صورة وسمعة المؤسسة وتعزيز تواجدها في الساحة العامة، ويتطلب هذا النوع من التخطيط تحليلًا شاملاً للمؤسسة وبيئتها الخارجية، بما في ذلك فهم السوق، وتحديد الجمهور المستهدف، وتقييم الاتجاهات الاجتماعية والثقافية، وتحليل المنافسة، وتقييم القضايا السياسية والاقتصادية التي تؤثر على المؤسسة.
وتهدف استراتيجيات الاتصال المؤسسي إلى تحقيق عدة أهداف، منها.. بناء وتعزيز العلاقات مع الجمهور والمجتمع، وتعزيز الوعي والفهم للمؤسسة ومنتجاتها أو خدماتها، وتعزيز الثقة والمصداقية للمؤسسة، وتوفير معلومات دقيقة وشفافة للجمهور، وتعزيز القيم والرؤية والثقافة المؤسسي، بمعنى؛ وضع خطة متكاملة لإدارة الاتصالات التي تلبي أهداف المؤسسة وتعزز رؤيتها وقيمها.
ولتحقيق هذه الأهداف، يتعيّن على المؤسسة وضع خطة تنفيذية متكاملة تشمل استخدام مجموعة من الأدوات والتقنيات مثل الاتصال الجماهيري، والعلاقات العامة، والتسويق، والتواصل الرقمي، وتحديد الموارد المطلوبة والمسؤوليات، والجداول الزمنية.
وفي هذا السياق يتم تحليل البيئة الداخلية والخارجية للمؤسسة لفهم العوامل المؤثرة على استراتيجيات الاتصال المؤسسي، حيث يتضمن التحليل الداخلي تقييم قدرات المؤسسة الحالية في مجال الاتصال، بما في ذلك الموارد المتاحة والخبرات والعلاقات الحالية وربطها بالخطة الاستراتيجية للمؤسسة، أما التحليل الخارجي، فيشمل دراسة المنافسة، والاتجاهات الحديثة، وتوجهات الجمهور المستهدف، والتشريعات والتحديات القانونية المحتملة. وبناءً على هذا التحليل، يتم وضع استراتيجيات الاتصال المؤسسي التي تتناسب مع أهداف المؤسسة وتلبي احتياجات الجمهور المستهدف، يشمل ذلك تحديد الرسالة المركزية والقصص القوية التي تعبر عن هوية ورؤية المؤسسة، كما يتم تحديد القنوات المناسبة للتواصل مع الجمهور، سواء كانت وسائل التواصل الاجتماعي أو وسائل الإعلام التقليدية أو الأحداث والمناسبات الخاصة.
ونظراً لكون التخطيط الاستراتيجي للاتصال المؤسسي عملية مستمرة؛ فهي تتطلب مراقبة وتقييم دوري للأداء والتكيف مع التغيرات في البيئة الداخلية والخارجية، إذ يمكن للمؤسسة من خلال تحليل النتائج والتعلم من التجارب، تحسين أدائها وتعزيز فعالية أدائها في الأهداف المحددة، يتضمن ذلك استخدام مؤشرات الأداء والتقييم المستمر لقياس تأثير الاتصال المؤسسي وتحسينه.
واختصاراً لما سبق ذكره؛ يمكن القول إنّ استراتيجية الاتصال المؤسسي تشمل مجموعة من العناصر والأنشطة التي تساهم في تحقيق أهداف المؤسسة في التواصل مع الجمهور والمجتمع، وتشمل هذه الاستراتيجية تحديد ما ترغب المؤسسة في تحقيقه من أجل بناء الوعي، تعزيز للثقة، زيادة المشاركة، أو تعزيز الصورة العامة للمؤسسة، كما يجب تحديد الجمهور المستهدف والذي ترغب في التواصل معه، بحيث يتم فهم احتياجاتهم وتوقعاتهم والقنوات التي يستخدمونها للحصول على المعلومات.
كما تشتمل استراتيجية الاتصال المؤسسي تطوير رسالة قوية ومفهومة وملهمة وقابلة للتأثير على الجمهور المستهدف، وفي هذا السياق يتوجب على المؤسسة اختيار القنوات المناسبة للتواصل مع الجمهور المستهدف، ومنها.. وسائل التواصل الاجتماعي، والبريد الإلكتروني، والمواقع الإلكترونية، والفعاليات العامة، والوسائط التقليدية مثل الفضائيات والإذاعات والصحف والمجلات.. ولضمان تحقيق الاستراتيجية أهدافها؛ يجب تقييم فعالية استراتيجية الاتصال المؤسسي من خلال قياس النتائج والمخرجات، من خلال استخدام مؤشرات الأداء المناسبة.
في عام 1997، كانت شركة "أبل" تعاني من تراجع في المبيعات وتفتقر إلى تميزها السابق في سوق التكنولوجيا. ولكن بفضل استراتيجية قوية للاتصال المؤسسي، استطاعت أبل تحويل الاتجاه والعودة للمنافسة بقوة.
تركزت استراتيجية الاتصال المؤسسي لـ"أبل" على بناء صورة إيجابية للشركة وتعزيز قيمها الأساسية، حيث قامت الشركة بتوجيه رسائل قوية تعبر عن رؤيتها للتكنولوجيا والتصميم والابتكار، كما ركزت على توفير تجارب مستخدم فريدة ومبتكرة، وذلك من خلال حملات الإعلانات الإبداعية والمناسبات التقنية.
بفضل هذه الاستراتيجية، استعادت "أبل" ثقة المستهلكين والسوق وتمكنت من إعادة تعريف نفسها كشركة رائدة في مجال التكنولوجيا بنجاحات كبيرة بفضل منتجاتها المبتكرة مثل آيبود وآيفون وآيباد..، حيث شملت استراتيجية الاتصال المؤسسي لديها.. العلامة التجارية القوية، حيث هدفت إلى بناء علامة تجارية قوية تتميز بالتصميم الجذاب والابتكار والجودة العالية وإعلانات جذابة.
ثم بالتفاعل والتواصل مع المستخدمين، فأولت أهمية كبيرة للتواصل المباشر، من خلال وسائل تواصل متعددة مثل المواقع الرسمية والمنصات الاجتماعية للتفاعل مع المستخدمين والاستماع إلى احتياجاتهم.
أما أهم استراتيجياتها كانت قصص النجاح والإلهام، حيث اعتمدت "أبل" عليها لتعزيز صورتها، فشاركت قصص المستخدمين الناجحة، وكيفية تأثير منتجاتها على حياتهم، مما ساهم في بناء الثقة والولاء للعلامة التجارية.
الشفافية والمسؤولية الاجتماعية، كانت حاضرة من خلال التواصل بشكل شفّاف ونزيه مع الجمهور، فكانت تعرض "أبل" تفاصيل الممارسات البيئية والاجتماعية والجهود القائمة على الاستدامة، وتسعى للمساهمة في المجتمعات التي تعمل فيها.
وأخيرًا كان الابتكار والإبداع معززًا لروح ومستقبل "أبل" من خلال حملات الإعلانات والمناسبات التقنية التي تعرض فيها أحدث المنتجات والتقنيات الجديدة التي تمثل تقدماً في مجال التكنولوجيا؛ لتعزيز رؤيتها كشركة رائدة في مجال التكنولوجيا ومن أجل بناء سمعة قوية من خلال تقديم حلول مبتكرة للمستخدمين في كل دول العالم.




http://www.alriyadh.com/2048072]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]