الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة بات من الوضوح ما يجعلنا نراهن على أنه بات الملمح الأكثر وهجاً وسطوعاً؛ فالبرامج والمبادرات، والمشاريع الثقافية؛ فضلاً عن التمكين الذي نلمسه كمتابعين يؤكد أن الثقافة رهاننا الأجمل، وأنها تمضي بنا إلى أقاصي إيجابية بعيدة، فكما يلحظ المهتمون بالفعل الثقافي أن الثقافة شكّلت نسيجاً عضويّاً قوياً في المشهد السعودي، وهو حضور يجسّد الإيمان بالثقافة كفعل حضاري وتواصلي مع العالم بأسره، وليس مقصوراً على محيطنا الاجتماعي الضيّق أو حتى على مستوى العربي والإقليمي.
ولأن الثقافة أخذت هذا الدور الإنساني بأبعاده الثقافية، والحوار مع الآخر وتعزيز الجانب الهويّاتي، وتأصيل مخزوننا التراثي بزخمه وفاعليته؛ فإننا لا نستغرب أن نجد هذا الجهد المتواصل على استدعاء التراث وكل مكوناتنا الحضارية وصهرها في قوالب متعددة وفق ما يمليه الظرف والحالة أو الشكل الجمالي الذي يحمله وينقله للآخر كصورة صادقة عنّا وعما نملكه من إرث وتراث وقيم إنسانية وحضارية هي خلاصة مسيرتنا الحضارية الممتدة إلى أعمق الجذور.
بالأمس كنّا على موعد مع أحد الأشكال الثقافية والأدوات التنويرية ذات التأثير والقدرة على صوغ الفكر والوعي وكل خلاصة وتجارب الإنسان في شتى مواقعه وحالاته الإنسانية وخزينه المعرفي والإنساني. إنه المسرح؛ أو أبو الفنون بكامل بهائه وقيمته الفكرية والثقافية، فالمسرح بنشأته المبكرة من المسرح الأرسطي واليوناني والأنواع الأخرى من المسارح التي مرّت بمراحل مختلفة حتى استفاد منه العرب وطوروه وشجعوا حضوره إدراكاً منهم لأدواره في غرس الوعي والقيم وملامسة هموم وتطلعات المجتمع بكافة أطيافه، فضلاً عن المتعة الجمالية التي يتركها المسرح بعد المشاهدة والفرجة للأعمال المعروضة.
وزارة الثقافة تواصل دورها في دعم المسرح وتطويره وتمكين المبدعين في كافة أرجاء الوطن، وما المهرجان الذي يجوب مناطق المملكة لتشجيع الأعمال المسرحية وتبيئة الفضاءات المسرحية إلا تقدير وتثمين لدور المسرح.
حضر يوم أمس المسرح ليؤكد أن الثقافة صياغة وعي وتأصيل تراث وهوية وكذلك نمط حياة، حيث انطلقت فعاليات مهرجان الرياض للمسرح‬ الذي نظمته هيئة المسرح والفنون الأدائية؛ وهو ما يجسد جهود وزارة الثقافة في احتضان المبدعين وتمكينهم وتبيئة حواضن الإبداع.
وقد اكتسب المهرجان خصوصية لافتة؛ إذ احتفى بالمبدع الراحل الكبير ‫محمد العثيم‬ وبتجربته الثرية، كما أن حضور تونس كضيف شرف أضفى جمالاً آخر على المهرجان وعلى الفعل والتلاقح الحضاري والثقافي.
المسرح يبقى علامة حضارية ليس على المستوى المحلي أو العربي وإنما عالمياً؛ وبقدر الاحتفاء به يكون الفعل الحضاري قوياً وصورة حقيقية على ارتفاع منسوب الثقافة والمعرفة ودرجة التحضّر.




http://www.alriyadh.com/2048419]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]