كثيراً ما نجد في الحوارات الأدبية، التي تتم مع الكتاب على وجه التحديد، شكاواهم من غياب النقد، وغياب النقاد عن المشهد المحلي، ذلك لأن معظم هؤلاء الكتاب يقارنون حال النقد في الوقت الراهن بالفترة الذهبية التي مر بها النقد المحلي إبان فترة الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، أيام فورة موجة الحداثة، والصراع الذي كان دائراً بينها وبين الأصالة والتراث.
على كل حال: لاشك أن تلك الفترة مثلت فترة ذهبية مهمة، وبرزت خلالها أسماء مهمة، سواء على مستوى الكتاب، في المجالات الإبداعية، ومثل الشعر والقصة القصيرة التي كانت ذات حضور جيد في تلك الفترة، بينما كانت الرواية لم تظهر إلى السطح بعد، أو على مستوى الأسماء النقدية التي برز عدد منها -على ظهر- الكُتاب، كما يقال في المثل، حيث إن الناقد كان يسعى إلى البروز وإلى الرفع من شأن اسمه، يقدم المنتج الإبداعي في دراسة نقدية ليبرز هو، وفي ذات الوقت يبرز الكاتب أو المبدع.
وكان يطرح سؤال: من الذي أظهر الآخر، المبدع أظهر الناقد، أو العكس، أو كلاهما يعملان في خط متوازٍ.
ظهرت أسماء نقدية، أصبحت اليوم أسماء لامعة وكبيرة في المشهد الثقافي، والفضل بلا شك يعود لفترة الثمانينات ـ فترة الحداثة الشعرية والأدبية التي عاشتها المملكة.
لكن السؤال الذي يطرح اليوم، عن غياب الناقد يجعلنا نتأمل المشهد بطريقة مختلفة، حيث إن النقاد الكبار المعروفين أصبح لهم مشروعاتهم الثقافية المستقلة، وبعضهم تحول إلى تقديم مشروعات فكرية -أصبح مفكراً- وقدم قراءات تحليلية للمشهد الثقافي عموماً، وكذلك الظواهر الشعبية التي ترتبط اليوم بالسوشل ميديا، وخلاف ذلك من بروز الشعبي وغياب النخبة، والنقد الثقافي كما عند د. عبدالله الغذامي وغيرها من الطروحات التي باتت تواكب الظواهر الثقافية لدى الشعب عامة، ولم يعد الاقتصاد على منتج إبداعي واحد، أو مبدع بعينه، وحتى الذين ظلوا في نطاق النقد الأدبي البحت ـ أصبحوا في الغالب ـ يتناولون ظواهر عامة، فيقدمون دراسات نقدية تحلل تلك الظواهر التي تشهدها الرواية السعودية، إما فنياً أو اجتماعياً أو خلاف ذلك، ومن هنا نجد الإجابة على السؤال السابق "عن غياب النقاد"، فالنقاد لم يغيبوا، لكن ثلة منهم طوروا إمكانياتهم وأصبحوا يقدمون مشروعات فكرية أكثر عمقاً وتأثيراً على الساحة الثقافية من البقاء في نطاق دراسة رواية أو مجموعة شعرية أو مجموعة قصصية، وبات اليوم من يقوم بهذا الدور هم صغار الكتاب الذين لا يزالون يبحثون لهم عن مكان في ساحتنا الثقافية.




http://www.alriyadh.com/2048472]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]