خلال العقود الماضية تركزت هيمنة وسائل الإعلام في الغرب، وخاصة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. ومع ذلك، فإن الذكاء الاصطناعي يفسح المجال للجميع من أسواق ناشئة ودول تنظر للمستقبل بأمل ليكون لها موطئ قدم في مجال الإعلام العالمي وهو ما يحقق بيئة إعلامية شاملة ومنفذاً إعلامياً دولياً عالي.
كان الإعلام رأس الحربة لسياسة بعض الدول، فهي وبلا أدنى شك المبرر أو الأداة الأكثر فعالية لتبرير أي تصرف عالمي، ومن ناحية أخرى ساهم إعلام بعض الدول في صياغة بعض المصطلحات والمفاهيم لانتقالها من نطاق محلي أو توجه سياسي ليكون أداة نفوذ من خلال استخدام بعض النظريات الإعلامية والتي من خلالها يتم تكثيف النشر والتداول الإعلامي حتى تكون ورقة بأي بعض القيادات السياسية ولتصبح قضايا رأي عام دولي، كل ذلك وأكثر يمكن أن تقوم به وسائل الإعلام، ولكن ما الجديد اليوم؟
قدرة مختلف الدول على المنافسة الإعلامية الدولية تتزايد باستخدام عدد من الاستراتيجيات الإعلامية، فمن ناحية توظيف الأصول الناعمة للدول من ثقافة وفنون وما في حكمها، ومن ناحية أخرى الاستفادة من قدرات تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تطوير منصات وتطبيقات يمكن من خلالها المنافسة العالمية.
قدرة الذكاء الاصطناعي على معالجة وتحليل مجموعات البيانات الضخمة تحدث خطوة غير مسبوقة في المشهد الإعلامي. على سبيل المثال، يشكل نظام توصيات نتفليكس المدعوم بالذكاء الاصطناعي أكثر من 80 % من خيارات محتوى المشاهد، مما يوضح القدرة الهائلة المتاحة اليوم لصناع المحتوى من معرفة توجهات الجمهور العالمي وتطوير محتوى يوائم مع تطلعاته.
في مجال الإنتاج الإعلامي أصبح لدى الأفراد اليوم قدرة على إنتاج المحتوى بمختلف مراحله باستخدام الذكاء الاصطناعي، بل وأكثر من ذلك تتمثل في ترجمة المحتوى ونشره والتعليق الصوتي بدرجة إن لم تكن مقاربة للواقع فهي واقعية ويصعب في حالات معرفة ما إذا كان المحتوى مصنوعاً عبر تطبيقات الذكاء الاصطناعي من عدمه، بالإضافة إلى كتابته المحتوى وغيره من المجالات، مما يعني أن الذكاء الاصطناعي بات نقطة قوة فاعلة في مختلف أنواع المحتوى.
تتنافس الدول على التفوق في مجال الذكاء الاصطناعي في وسائل الإعلام مع الاعتراف بأهميته الاستراتيجية، ويمتد هذا السباق العالمي إلى ما هو أبعد من المكاسب الاقتصادية ليشمل تعزيز نفوذها العالمي، فالذكاء الاصطناعي ورقة رابحة ويمكن ان يساهم في تعزيز نفوذ الدول عالمياً بشكل غير مسبوق.
ختاماً من الصعب التكهن بمستقبل الإعلام والمنصات وكيف ستستهلك المجتمعات المحتوى مستقبلاً، هل ستبقى ذات المنصات الرقمية التي نكتب ونتداول عليها الأخبار؟ أم ستكون تقنيات الواقع الافتراضي ومختلف أجيال الإعلام الغامر حجر الأساس في استهلاك المحتوى والتواصل الإنساني مستقبلاً؟
الأكيد أن الذكاء الاصطناعي يرسم معالم مستقبل التواصل الإنساني، ومن يملك مفاتيح الذكاء الاصطناعي يملك مفاتيح النفوذ العالمي.




http://www.alriyadh.com/2049320]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]