منذ اكتشاف النفط بكميات تجارية في عام 1938 وبدء تصديره للعالم كنفط خام، اعتمدت المملكة العربية السعودية لعدة عقود من الزمن على النفط كمصدر رئيس للدخل القومي، ومكون رئيس لتركيبة الإيرادات العامة للدولة.
لم تنجح الخطط التنموية الخمسية التي بدأت في حقبة السبعينيات من القرن الماضي، وحتى الخطة العاشرة، في إحداث تغيير حقيقي وجوهري ملموس سواء في مكونات الناتج المحلي الإجمالي للمملكة أو في تركيبة الإيرادات العامة للدولة بعيداً عن النفط، حيث وحتى وقت قريب جداً من عمر الزمن، كان النفط يشكل حصة الأسد من مكونات وتركيبة الناتج المحلي والإيرادات العامة للدولة، حيث على سبيل المثال؛ أسهم النفط بأكثر من 80 % في الإيرادات الحكومية في 2016 وبنحو 16 % بإجمالي الناتج المحلي في عام 2017.
تنبهت رؤية السعودية 2030 لخطورة استمرار الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للدخل، وبالذات في ظل التقلبات والتذبذبات الحادة التي تتعرض إليها أسعار النفط العالمية بين الحين والآخر، مما يؤثر على وتيرة مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالبلاد.
وللخروج من حالة الإدمان النفطي السعودي، تبنت الحكومة السعودية تطبيق برنامج إصلاح اقتصادي ومالي شامل وخطة تحول وطني هَدفت إلى تنويع مصادر الاقتصاد بعيدا عن النفط، سَعياً لزيادة العائدات غير النفطية من خلال تنمية قطاعات غير نفطية مثل التعدين والسياحة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والترفيه والرياضة وغيرها من القطاعات والأنشطة الاقتصادية الواعدة.
أحد أبرز أهداف خطة التنوع الاقتصادي، التركيز على قطاع التعدين في المملكة، سيما وأن القطاع ظل لعقود طويلة من الوقت غير مستغل اقتصادياً، رغم أهمية القطاع وما تنعم به المملكة من ثروات معدنية ضخمة في "الدرع العربي" تبلغ قيمتها 1.3 تريليون دولار أميركي، تمتد على مساحة 700,000 كم2 ويتوفر فيها 48 نوعاً من المعادن.
هذه المقومات التعدينية المتوفرة في المملكة، جَعلت من المملكة قوة تعدينية رائدة، ليس على مستوى المنطقة فحسب، وإنما على مستوى العالم، لتصبح خلال الأعوام القادمة، مزود رئيس للعالم من المعادن، بما في ذلك المعادن الحرجة.
من المهم جداً الإشارة إلى أن تنمية قطاع التعدين في المملكة، يعتمد بشكلٍ كبير على وفرة المعادن من جهة، وعلى الطلب المحلي المتزايد على المواد التعدينية من جهة أخرى، وبالذات في ظل توجه المملكة للصناعات الثقيلة مثل السيارات وهياكل الطائرات والسفن، وغيرها من الصناعات.
لهذا السبب تَسعى المملكة إلى توطين سلاسل إمداد التحول للطاقة المتجددة، إضافة إلى توطين 50 % من الصناعات العسكرية وتوطين صناعات السيارات الكهربائية باستهداف إنتاج 500 ألف سيارة بحلول عام 2030.
وما سيدعم نمو قطاع التعدين في المملكة، توفر بنية تحتية متينة ومتطورة متمثلة بمدينتي رأس الخير ووعد الشمال، إضافة إلى وجود أكثر من 40 مدينة صناعية، وتوفر الطاقة والمياه بأسعار تنافسية، وشبكة اتصالات متقدمة، وموقع المملكة المتميز الذي يربط بين 3 قارات (أوروبا وآسيا وأفريقيا)، ووجود 10 موانئ لدعم الاستيراد والتصدير.
كما أن لصندوق الاستثمارات العامة، دوراً مهماً في تنمية قطاع التعدين في المملكة، وبالذات من حيث دعم سلاسل الإمداد للصناعات المحلية من خلال المشروع المشترك بين الصندوق وشركة معادن شركة "منارة المعادن".
يُذكر أن المملكة تقدم العديد من الحوافز للمستثمرين بقطاع التعدين، من بينها: السماح بتأسيس شركات أجنبية بنسبة ملكية 100 %، ودعم صندوق تنمية الموارد البشرية لتوظيف السعوديين بنسبة تتراوح ما بين 30 - 50 % من الراتب الشهري وبـنسبة 10 % للموظفات لمدة 3 سنوات، والحصول على تمويل يصل إلى 75 % من رأس المال من صندوق التنمية الصناعية.
ومن بين أبرز إنجازات قطاع التعدين في المملكة، اعتماد استراتيجية ونظام للاستثمار التعديني وللائحته التنفيذية، وإطلاق البرنامج العام للمسح الجيولوجي، ورقمنة جميع البيانات الجيولوجية، وإطلاق منصة إلكترونية لإصدار وإدارة التراخيص التعدينية، وإطلاق مؤتمر التعدين الدولي للتعدين، الذي يُعد من أهم مؤتمرات التعدين على مستوى العالم.
تجدر الإشارة إلى أنه خلال الأعوام الثلاث الماضية تجاوزت نسبة إصدار التراخيص 200 % مقارنة بإجمالي ما تم إصداره خلال السبعة الأعوام قبل صدور نظام التعدين.
أخيراً وليس آخراً، المملكة تستهدف استثمارات تعدينية المستهدفة تبلغ قيمتها 170 مليار ريال بحلول عام 2030، وتبلغ قيمة إجمالي الاستثمارات في مشاريع قائمة وتحت الإنشاء 89 مليار ريال، وبلغ عدد رخص الكشف والمناجم قبل تطبيق نظام الاستثمار التعديني 224 ترخيصاً وذلك خلال الفترة 2014 - 2020 و613 بعد تطبيق النظام وذلك خلال الفترة 2021 - 2023، في حين بلغ معدل الإنفاق على الاستكشاف 85 كم2 قبل إصدار نظام التعدين و160 كم2 بعد الإصدار.




http://www.alriyadh.com/2050866]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]