في العقد الأول من الألفية الثالثة، وبالتحديد ديسمبر 2006م، بدأ العالم يلتفت إلى ذوي الإعاقة، وكأنهم اكتشفوا فجأة أن هناك أكثر من مليار شخص يعانون من الإعاقة، يمثلون ما يزيد على 15% من سكان العالم –حسب إحصاء منظمة الصحة العالمية-، وفي هذا التاريخ اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية حقوق ذوي الإعاقة؛ لذا يحتفي العالم في ديسمبر من كل عام بذوي الإعاقة، ولكن الاتفاقية الأممية دخلت حيز التنفيذ في مايو 2008م، وتطالب هذه الاتفاقية بتحسين معايير دمج هذه الفئة الغالية في المجتمع، من خلال تهيئة طرق وأماكن خاصة لهم تمكنهم من الوصول إلى المرافق العامة، إضافة إلى مناطق الترفيه بسهولة ويسر، وتوفير فرص العمل بما يتناسب مع قدراتهم؛ كي لا يضطروا إلى استجداء من حولهم، إضافة إلى ضمان حصولهم على فرص التعليم بمراحله المختلفة، وتجهيز دور التعليم لتناسب احتياجاتهم، مع إضافة برامج علمية تدريبية تأهيلية خاصة بهم، تسهّل لهم عملية الدمج في المجتمع الذي يعيشون فيه، ومن أهم الحقوق التي تركز عليها الاتفاقية العالمية، ضمان الحصول على حقوقهم الصحية، مع توفير رعاية وبرامج صحية مجانية، وتهيئة المستشفيات والمراكز المتخصصة لاستقبالهم بداية من الطرق وآلية الدخول إليه بيسر، مروراً بموظفين مؤهلين للتعامل معهم وتقديم الخدمات السريعة العاجلة، بما يناسب كل حالة واحتياجاتها، وركزت الاتفاقية على ضرورة تمكين ذوي الإعاقة للعمل في المجالات السياسية والاجتماعية والمساواة مع أقرانهم في المجتمع.
وبعد مرور عقد من الزمان وتحديداً 1439هـ - 2018م أصدر مجلس الوزراء السعودي قراراً بإنشاء هيئة رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة، تحت مظلة وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية؛ لتكون مسؤولة عن شؤون هذه الفئة الغالية على قلوبنا جميعاً، إلى جانب ما تقوم به المملكة من جهود لتوفير حياة كريمة لهم، وتقديم الدعم اللازم، ممثلاً في إعانات وخدمات في جميع المجالات.
إننا ننتظر -بفارغ الصبر- أن يدخل النظام الخاص بذوي الإعاقة حيز التنفيذ مع مطلع العام 2024م، وكنت أرى أن يتم إشراك ممثلين عن ذوي الإعاقة في كل الأمور الخاصة بهم، لأن أولويات حياتهم واحتياجاتهم قد لا تكون أولوية عند نظرائهم العاديين.
إن ذوي الإعاقة في حاجة ماسة إلى نظام تأمين طبي شامل يراعي الأبعاد الخاصة بكل حالة، مع توفير المستلزمات الطبية الخاصة بهم، التي يجدون صعوبة في الحصول عليها في الوقت الراهن، خاصة في المناطق النائية، كما إننا في زمن الرؤية التي أولت ذوي الإعاقة أهمية قصوى، إلا أننا نرى أنهم عندما يحصل غالبيتهم على وظائف، فإنها لا تتناسب مع مؤهلاتهم العلمية، إضافة لعدم تأهيل الأماكن التي يعملون فيها لتناسب احتياجاتهم، ويجب أن يكون نظام الترقيات نفسه الذي يطبق على أقرانهم.
وأخيراً هناك همسة عتاب لوزارة الموارد البشرية والهيئة، هل تظل الإعانات التي تصرف لهم ثابتة لا تراعي ارتفاع الأسعار في كل شيء تقريباً، دون زيادات منذ إقرار تلك الإعانات تقريباً، فنحن في المملكة لدينا أكثر من 1.7 مليون إنسان من ذوي الإعاقة يحتاجون مزيداً من الجهد، وهم يستحقون ذلك، ويجب تسهيل حياتهم في الحياة العادية، والسفر والتنقل الداخلي، بدءاً من المساجد والطرق العامة والأرصفة والمواقف، وانتهاءً بالمطارات والطائرات، وحل مشكلة المرافق (الذي يساعد ذوي الإعاقة في التنقل) التي تصر عليه المطارات وترفضه وزارة الموارد البشرية.. بمعنى أن المعاق نصفياً، المصاب بشلل نصفي، إذا أراد السفر، فيلجأ لوزارة الموارد البشرية، فيكتبون في بطاقة التسهيلات أو بطاقة الإركاب، أن هذا المعاق لا يحتاج مرافقاً في المطارات، وعند الذهاب إلى المطارات، ترفض خطوط طيران كثيرة صعود المعاق إلى الطائرة إلا بوجود مرافق، متعللين بشروط منظمة الطيران المدني «إياتا» التي تمنع صعود المعاقين إلا بوجود مرافق؛ حرصاً على سلامته وسلامة المسافرين الآخرين.. فيجب أن يكون هناك تنسيقاً بين الجهات كافة للنظر في هذا الأمر.
مع تقديرنا لكل الجهود المبذولة لخدمة أبناء الوطن؛ كي يحيوا حياة كريمة، والوصول إلى فلسفة تحسين جودة الحياة لذوي الإعاقة.




http://www.alriyadh.com/2051055]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]