قال ابن رجب: وقد قرر علماء الحديث هذا في كتبهم في الجرح والتعديل.. ولا فرق بين الطعن في رواة ألفاظ الحديث، ولا التمييز بين من تقبل روايته منهم، ومن لا تقبل، وبين تبيين خطأ من أخطأ في فهم معاني الكتاب والسنة، وتأوّل شيئاً منها على غير تأويله، وتمسك بما لا يتمسك به، ليحذر من الاقتداء به فيما أخطأ فيه..
إنه ما من أحد إلا وهو راد ومردود عليه، سوى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ وذلك للنقص المجبول عليه بنو آدم، ولكن كل واحد من المردود عليهم لا بد أن يعرف منهجه أصلا، ليفهم مراده أولا، وليعتذر عنه ثانيا، هذا إذا علم أنه من الباحثين عن الحق، العائدين إليه متى تبين لهم، أو أن يحذر منه، وتزال شبهته، وتقام عليه الحجة، إذا تبين أنه من المعاندين، أو من خبثاء الناس، الذين يريدون نقض عرى الإيمان، أو تشكيك الناس في دينهم، أو نشر شبههم ومعتقداتهم.
قال ابن رجب: وقد قرر علماء الحديث هذا في كتبهم في الجرح والتعديل.. ولا فرق بين الطعن في رواة ألفاظ الحديث، ولا التمييز بين من تقبل روايته منهم، ومن لا تقبل، وبين تبيين خطأ من أخطأ في فهم معاني الكتاب والسنة، وتأول شيئا منها على غير تأويله، وتمسك بما لا يتمسك به، ليحذر من الاقتداء به فيما أخطأ فيه.
وقد أجمع العلماء على جواز ذلك أيضا، ولهذا نجد في كتبهم المصنفة في أنواع العلوم الشرعية من التفسير، وشروح الحديث، والفقه، واختلاف العلماء، وغير ذلك ممتلئة من المناظرات، وردوا أقوال من تضعف أقواله، من أئمة السلف، والخلف، من الصحابة، والتابعين، ومن بعدهم، ولم يترك ذلك أحد من أهل العلم، ولا ادعى فيه طعنا على من رد عليه قوله، ولا ذما، ولا نقصا، اللهم إلا أن يكون المصنف ممن يفحش في الكلام، ويسيء الأدب في العبارة، فينكر عليه فحاشته، وإساءته، دون أصل رده، ومخالفته، إقامة بالحجج الشرعية، والأدلة المعتبرة.
قال: فحينئذ، فرد المقالات الضعيفة، وتبيين الحق في خلافها بالأدلة الشرعية، ليس هو مما يكرهه أولئك العلماء، بل مما يحبونه، ويمدحون فاعله، ويثنون عليه، فلا يكون داخلا في باب الغيبة بالكلية، فلو فرض أن أحدا يكره إظهار خطئه المخالف للحق، فلا عبرة بكراهته لذلك، فإن كراهة إظهار الحق إذا كان مخالفا لقول الرجل ليس من الخصال المحمودة، بل الواجب على المسلم أن يحب ظهور الحق، ومعرفة المسلمين له، سواء كان ذلك في موافقته أو مخالفته، وهذا من النصيحة لله ولكتابه ورسوله ودينه وأئمة المسلمين وعامتهم وذلك هو الدين، كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما بيان خطأ من أخطأ من العلماء قبله، إذا تأدب في الخطاب، وأحسن الرد والجواب فلا حرج عليه، ولا لوم يتوجه إليه.. اهـ.
قال ابن القيم: وإنما سميت الشبهة شبهة لاشتباه الحق بالباطل فيها؛ فإنها تلبس ثوب الحق على جسم الباطل، وأكثر الناس أصحاب حسن ظاهر، فينظر الناظر فيما ألبسته من اللباس فيعتقد صحتها.
وأما صاحب العلم واليقين فإنه لا يغتر بذلك، بل يجاوز نظره إلى باطنها، وما تحت لباسها، فينكشف له حقيقتها.
وإذا تأمل العاقل الفطن هذا القدر وتدبره، رأى أكثر الناس يقبل المذهب والمقالة بلفظ، ويردها بعينها بلفظ آخر، وكم رد من الحق بتشنيعه بلباس من اللفظ قبيح.
فإذا أردت الاطلاع على كنه المعنى: هل هو حق أو باطل؟ فجرده من لباس العبارة، وجرد قلبك من النفرة والميل، ثم أعط النظر حقه، ناظرا بعين الإنصاف، ولا تكن ممن ينظر في مقالة أصحابه، ومن يحسن ظنه به نظرا تاما بكل قلبه، ثم ينظر في مقالة خصومه، ومن يسيء ظنه به كنظر الشزر والملاحظة، فالناظر بعين العداوة يرى المحاسن مساوئ، والناظر بعين المحبة عكسه، والله المستعان على معرفة الحق وقبوله، ورد الباطل وعدم الاغترار به.. انتهى كلامه، باختصار قليل منه.
قلت: أسوق هذا لطلبة العلم، وللباحثين عن الحق، الذابين عن السنة، الذين يكون هواهم دوما تبعا لما جاء به المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، ويبقى أولئك المتعصبة للأحزاب، المقدسة للأشخاص، إن لم يعلموا هذا، فليعلموه.. هذا، والله من وراء القصد.




http://www.alriyadh.com/2051347]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]