نعتقد منطقياً أن الاستدلال بمغالطة منطقية ضمن نقاشنا يؤدي إلى فساد الاستنتاج، ولكنه في الحقيقة ليس سبباً بالضرورة لعدم قبول النتيجة! أو الاعتداد بها.
إحدى نتائج إدراك أنواع المغالطات المنطقية أننا نقع في افتراض أن استنتاج حجة ما خاطئ فقط لاحتوائها على مغالطة أو مغالطات منطقية، وهذا بالطبع ليس صحيحاً على الإطلاق، إذ إن النتيجة قد تكون صحيحة رغم أن الاستدلال خاطئ! والأمثلة على ذلك متعددة.
لعل أشهر الأمثلة على ذلك، حينما يجادل الطرف الأول أن: "السرقة غير مشروعة، ولهذا يعاقب القانون السارق"، فيرد عليه الطرف الثاني بأنه استخدم مغالطة "المصادرة على المطلوب"، مما يؤدي إلى أن استنتاج الطرف الأول خاطئ لأنه اعتمد على مغالطة منطقية، فتصبح السرقة مشروعة! وهذا بالطبع غير صحيح، أو حينما نفترض أن لدينا "س" فإن النتيجة "ص"، ونكتشف أن "س" هي حجة مغلوطة، فتمسي الحجة "ص" خاطئة تلقائياً، وهو بالطبع ليس صحيحاً دوماً، كون الدليل وإن لم يكن ظاهراً فقد يكون مضمّناً منطقياً في الاستنتاج، وأن هذه النتيجة قد تكون مُثبتة بحجج وشواهد أخرى، وغير معتمدة على حجة "س" غير المنطقية.
الأسوأ أن البعض رغم إدراكه لصحة الاستنتاج، إلا أنه يستغل الطعن في المغالطة بهدف التأثير على الجمهور، من خلال إضعاف صورة المجادل، بدلاً من معالجة ما طُرح من حجة، وهو ما عرّفه "وليام ليكان" أستاذ الفلسفة في جامعة شمال كارولينا بأنها "إسناد وجهة نظر غير متفق عليها إلى مغالطة، ولكن بدون فعل أي شيء لإظهار أن وجهة النظر مبنية على خطأ في المنطق".
هناك شكل آخر لهذه المغالطة من الجهة الأخرى، وهو دحض المغالطة بمغالطة! حينما نحاول الرد على حجة المتحدث من خلال استنتاج يقوم على الادعاء بالمغالطة المستخدمة نفسها، كما لو كانت عملية قلب طاولة، إذ تنتقل المغالطة من الطرف الأول إلى الطرف الثاني! وكونها هذا الاستنتاج لم يبنَ على دليل منطقي أو حتى منطق مُمثل بصورة خاطئة؛ فإنها تمسي -أيضاً- مغالطة منطقية.

تعّد "مغالطة المغالطة" أحد أنواع المغالطات المنطقية الشائعة، لكن من السهل تمييزها وتجنّبها، فهي المغالطة التي تبني نتيجة جديدة على أساس رفض مغالطة مستخدمة ضمن السياق، وتخلصُ إلى اعتبار كل نقاشٍ اعتمد على المغالطة هو نقاشٌ مغلوطُ تماماً! ويؤدي إلى نتيجة غير معتبرة! وهو كما رأينا غير صحيح على الدوام.

من الرائع فهم وإدراك المغالطات المنطقية، إذ إنها تساعدنا على الحكم المجرّد والمنطقي على الحجج، بدلاً من التأثر بالمغالطات وإصدار أحكام غير صحيحة، لكن لا بد أن نحذر من الوقوع في فخ النظرة السطحية لاستغلال المغالطات حتى نتجنب "مغالطة المغالطة"! ونتقبل النتيجة الصحيحة.




http://www.alriyadh.com/2051349]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]